طُفاوة. فغضب زياد (?) وقال: ما الذي جرَّأك على الدُّعابة في مجلسي، فقال: نادرة حضرَتْ، فخفتُ أن تَفُوتَني، فقال: لا تَعُد لمثلها. وكان زياد يعظِّم قَدرَ حارثة الغُدَاني.
[وقال الأصمعي: ] وكان [حارثة] مُولعًا بشرب الخمر؛ دخلَ يومًا على زياد وفي وجهه أثر، فقال: ما هذا؟ فقال: ركبتُ الأشقر، فَجَمَحَ بي. فقال: أما إنك لو ركبتَ الأشْهبَ ما عرضَ لك. فحارثةُ كنى عن النبيذ، وزياد كنى عن اللبن (?).
[وقال العُتبيّ: وكان حارثة شريفًا شاعرًا، فقيل لزياد: ليس هذا من شاكلتك، إنه مسور يشرب الخمر (?)، ولا يَحْسُن بك أن تصحبه. فقال: كيف لا أصحبُ رجلًا ما سألتُه قطّ عن شيء إلا وجدتُ عنده علمًا منه، ولا مضى أمامي فاضطرني أن أُنادِيَه، ولا مشى (?) خلفي فاضطرني أن ألتفت إليه، ولا ركب معي فمسَّتْ ركبتُه ركبتي.
فلما وليَ عُبيد الله بن زياد البصرة بعد أبيه؛ اطَّرحَ حارثةَ وجفاه، فقال له حارثة: يا عُبيد الله، ما لك لا تُنزلُني المنزلة التي كان أبوك يُنزلُني إياها؟ ! فقال: إن أبي كان قد برع في الفضل بحيث أن لا يضرّه صحبة مثلك، وأنا حَدَث أخافُ أن تحرقني بنارك، فدع الشراب وكن أوَّلَ داخل عليّ وآخرَ خارج، فقال: أنا ما تركتُه لله، أتركُه لأجلك! قال: فاختر بلَدًا أو سُقْعًا أُولّيك إياه. فاختار سُقعًا من العراق يقال له: سُرَّق، فولّاه إيّاه، وسنذكره في سنة ست وتسعين. وقد رثى حارثة زيادًا] (?).
وكان زياد قد ضبطَ الأمور، فكان يقول: لو ضاعَ حَبْلٌ بيني وبين خُراسان لعرفتُ من أخَذَه (?).