ثم كتبَ لأبي موسى لَمَّا ولَّاه عمرُ بنُ الخطاب - رضي الله عنه - على البصرة، وخرج أبو موسى غازيًا، فاستخلفَ زيادًا على البصرة، وبلغَ عمرَ رضوان الله عليه، فكتبَ إلى أبي موسى: استخلفْتَ على البصرة مَنْ لا صحبةَ له ولا هجرة ولا تجربة، أشْخِصه إليّ. فأشخصَه إليه، فلما دخلَ على عمر -رضوان الله عليه- تكلَّم، فأعجبَه كلامُه وعقلُه، فأمرَ له بألف درهم، وردَّه إلى البصرة، اشترى بالألف أباه عُبيدًا فأعتقَه (?).

وبلغ عمر - رضي الله عنه - فقال: نِعمَ الألفُ ألْفُه.

قال أبو عثمان النَّهْديّ: وكنَّا نغبطه بذلك (?).

وقال ابن عساكر (?): فُتق فَتْقٌ في زمن عُمر - رضي الله عنه -، فبعثَ زيادًا فرتَقَه، وانصرفَ محمودًا مشكورًا، فدخل على عُمر وعنده المهاجرون والأنصار، فخطب خطبة لم يُسمع بمثلها حُسنًا، فقال عمرو بن العاص: هذا الغلام لو كان أبوه قُرشيًّا لساقَ العرب بعصاه. وكان أبو سفيان حاضرًا في المجلس، فقال: والله إني لأعرفُ أباه ومن وضعَه في رَحِمِ أمِّه، فقال له عليّ: يا أبا سفيان اسكُتْ، فواللهِ لو سمعَك عُمر لأسرعَ إليك بالشّرّ. فقال له أبو سفيان:

أما واللهِ لولا خَوْفُ شخصٍ ... يرانا يا عليُّ من الأعادي

لأظهرَ أمرَه صَخْرُ بنُ حَربٍ ... ولم تكنِ المقالةُ عن زيادِ

فقد طالتْ مجانبتي ثَقِيفًا ... وتركي عندهم عرضًا فؤادي (?)

قولُ أبي سفيانَ هذا حملَ معاويةَ على أنَّه ادَّعى زيادًا (?).

[وقال هشام: إنما بعثه أبو موسى بكتاب فتحٍ، فقال له عمر: قم فاقرأه على المنبر، فقرأه، فأعجبَ الناس، وكان أبو سفيان جالسًا إلى جنب علي بن أبي طالب، فقال له:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015