ولَمّا ورد القومُ ومعهم كتابُ زياد (?) قرأه على الناس، فقال عبد الرحمن بنُ عثمان الثقفي (?): يا أميرَ المؤمنين جِذاذَها جِذاذَها، لا تَعَنَّ بعد العامِ مُؤَبِّرًا (?). ويعني بجذاذها: قطعها. والمؤبر: الذي يُؤبِّرُ النَّخْل.

قال أبو مِخْنَف: ولَمّا تيقَّنَ الناسُ أن معاويةَ قاتل حُجْرًا وأصحابَهُ قام يزيد بن أسد البَجَليُّ فقال: يا أمير المؤمنين، هبْ في ابْنَي (?) عمي. يعني عاصمًا وورقاءَ، وكان جريرُ بن عبد الله قد كتب فيهما إلى معاوية يقول: إنهما من أهل الجماعة والرأي الحَسَن، سعى بهما ساعٍ إلى زياد، فبعثَ بهما إلى أمير المؤمنين، وهُما ممَّن لم يُحدِثْ في الإسلام حَدَثًا، ولا خَرَجا على الخليفة.

فلما شَفَعَ فيهما يزيدُ بن أسد قال معاوية: قد أتاني كتابُ جرير فيهما، وهو أهلٌ أن يُصَدَّقَ، وهما لك. فأطلقَهما.

وشَفَعَ وائلُ بنُ حُجْر في الأرقم بنِ عبد الله، فأطلقَه معاوية، وطلب أبو الأعور السُّلَميُّ عتبةَ بنَ الأَخْنَس، فوهبه له، وطلب حمزةُ بنُ مالك الهمداني سعيد بن نمران، فوهبه له (?)، وكلَّمه حبيبُ بنُ مسلمة في ابنِ حَويَّة (?)، فأطلقَه.

وقام مالكُ بنُ هُبَيرة السكوني، فقال لمعاوية: دَع لي ابنَ عمي حُجْرًا. فقال: ابنُ عمِّك رَأسُ القوم، فأخافُ إن خَلَّيتُ سبيله، أن يُفْسِدَ عليَّ مِصري. فقال: يا معاوية، واللهِ ما أنصفتني، قاتلتُ معك ابنَ عمِّكَ أيَّامَ صِفِّين حتى ظَفِرَتْ كفُّكَ، وعلا كَعْبُكَ، وسألتُكَ في ابنِ عمِّي فأجبتَني بما لا ينفعني. وقام فخرج مُغْضَبًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015