وشهد جماعةٌ بذلك. فقام زياد على المنبر وقال: أيها الناس، إنَّ معاويةَ قد قال ما سمعتُم، وقد شَهِد الشهودُ بما علموا، ولستُ أدري ما حقُّ هذا من باطله؟ وهو وَهُم أعلمُ، وإنما عُبَيدٌ أبٌ مبرورٌ مشكورٌ، ومعاويةُ والٍ.

فقال يونس بن عُبَيْد الثقفي: يا معاويةُ، قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ: "الولدَ للفراش وللعاهر الحَجَرُ" وقد قَضَيتَ أَنْتَ أَنَّ الولد للعاهرِ، وأَن الحَجَر للفراش، وإِن كان زيادٌ بنَ أبي سفيان؛ فإنه والله لَعبدي أعتقَتْه عمَّتي صفيَّة، فقال له معاويةُ: أتركْتَ شرْبَ ما في الدِّنان؟ قال: نعم، وتركَ أبي الزِّنى في الجاهلية. يُعرِّضُ بأبي سفيان، يا معاويةُ، رُدَّ عليَّ ولاءَ عمتي من زياد. فتوعَّده معاويةُ وقال: كُفَّ وإلَّا فعلتُ وصَنَعْتُ، فقال: أو ليس المرجعُ بي وبك إلى الله تعالى؟ !

وقال البلاذريُّ (?): أَرسل معاويةُ إلى سعيد بن عُبَيد أخي يونس بن عُبَيد فأَرضاه، فأقرَّ بما صنع معاويةُ، وأَبى يونسُ أن يرضى.

وذكر أبو القاسم بن عساكر في "تاريخه" (?) عن ابن سيرين، عن أبي بَكْرةَ قال: قال لي زياد: ألم تَرَ أن معاويةَ أرادني على كذا وكذا وقد وُلِدت على فراشِ عُبيد، وأَشْبَهْتُه، وقد علمتَ أن رسولَ الله صلى الله عليه قال: "منِ ادَّعى إلى غيرِ أبيه فهو ملعون، أو: فليتبوّأ مقعده من النار". ثم جاء العام القابلُ فادَّعاه.

وقد أخرج أَحمد في "المسند" (?) بمعناه، فقال: حدَّثنا هُشيم، حدثنا خالد، عن أبي عثمان قال: لَمّا ادَّعى معاويةُ زيادًا لقيتُ أبا بَكْرة، فقلتُ: ما هذا الذي صنعتُم؟ ! إني سمعتُ سعد بن أبي وفاص يقول: سَمِعَتْ أُذُنايَ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: "من ادَّعى في الإسلام إلى غير أبيه فالجنَّةُ عليه حرامٌ". فقال أبو بَكْرة: وأنا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015