أتقارَّ، ولم أتماسك، فإذا عمودٌ من حديد، رأسُه في السماء، وأسفلُه في الأرض، وفي أعلاه عروة من ذهب، فقال: اصْعَدْ فوقَ هذا، فقلتُ: كيف أصعدُ ورأسُه في السماءِ؟ ! فأخذ بيدي فَزَجَل بي: فإذا أنا مُعَلَّقٌ -أو متعلِّقٌ- بالحلقة، أو بالعروة. ثم ضَربَ العمود، فَخرَّ، وبقيتُ متعلّقًا بالحلقة حتى أَصبحتُ.
فأتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقصصتُها عليه، فقال: "رأيتَ خيرًا، أما الطرقُ التي عن يسارك؛ فطرقُ أصحابِ الشِّمال -أو طرق أهلِ النارِ- ولستَ من أَهلِها، وأما الطرقُ التي عن يمينك؛ فطرقُ أهل اليمين والجنة، وأنت من أهلها، وأما المنهج العظيم فالمحشر. وقيل: طريق الإسلام، وأما الجبلُ فجبلُ الشهداء، ولن تناله، والعمود عمودُ الإسلام، والعروةُ عروةُ الإسلام، فاسْتَمْسِكْ بها حتى تموت". وأنا أرجو أن أكون من أهلها. قال: والرجل عبد الله بن سلام.
وقد أخرج البخاري عن أبي بُردة بن أبي موسى قال: قدمتُ المدينةَ فلقيتُ ابنَ سَلَام، فقال: ألا تجيءُ فأُطعمَك سَويقًا وتمرًا، وتدخل فتصلي في مسجدٍ صلى فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي، وأسقيَك في قَدَح شربَ فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: فانطلقتُ معه، فَسقاني سَويقًا وأَطعمني تمرًا، وصلَّيتُ في مسجدهِ، وقال لي: إنك بأرضٍ الرِّبا فيها فاشٍ، فإذا كان لك على رجلٍ حقٌّ فأهدَى إليك حِمْلَ تِبْنٍ، أو حِمْلَ شعيرٍ، أَو حِمْلَ قَتٍّ، فلا تأخذه، فإنه رِبًا (?).
ذِكْرُ وفاته:
اتفقوا على أنه توفي في سنة ثلاث وأربعين [بالمدينة]، ودُفِنَ بالبقيع من غير خلاف.
وحكى ابن سعد أنه شهد فَتْحَ نهاوند (?).
وقال أبو القاسم بن عساكر: شهد مع عمرَ الجابية وفتح بيت المقدِس (?).