وحضر تحكيمَ الحكَمَين وخَدَعَ أبا موسى، وقد ذكرنا جميع ذلك، واستوفاه محمد بن سعد في كتابِ "الطبقات" عن الواقديِّ وغيره (?).

وحكى الواقديُّ وغيرُه أَن عمرًا لَمَّا خَدَع أَبا موسى قال ابن عمر: انظروا إِلى ماذا صار أَمرُ هذه الأُمة؛ إلى رجلِ لا يُبالي ما صنع -يعني عَمْرًا- وآخر ضعيف.

وقال عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق: لو مات أبو موسى الأشعري من قَبْل هذا لكان خيرًا له.

وقال ابن سعد عن الواقديِّ (?): ولَمَّا خرجت الخوارجُ على أمير المؤمنين قال عَمْرو لمعاوية: كيف رأيتَ تدبيري لك حيث ضاقت عليك الدنيا، وكنتَ منهزمًا على فرسِك الوَرْدِ، تَسْتبطئُه، وعرفت أنَّ أهلَ العراق أهلُ شُبَهٍ، وأنَّهم يختلفون عليك، فقد اشتغل بهم عليٌّ عنك، وهم في آخرِ الأَمرِ قاتِلُوه، وليس جندٌ أَوهنَ كيدًا منهم.

وقال الواقدي أيضًا: لَمَّا صار الأمرُ إلى معاوية استكثر طعمة مصر لعمرو، ورأى عمرٌو أنَّه دبَّر الأمور، وكان يظنُّ أن معاويةَ يزيدُه الشام، وتنكَّر كلُّ واحدِ منهما لصاحبه، ودخل معاويةُ بن حُدَيج بينهما، فأَصلح الحال (?).

ذِكْرُ ما نُقِل عن عمرو من الكلامِ:

قال ابن سعد بإسناده عن حِبَّان بن أبي جَبَلة قال: قيل لعمرو: ما المروءةُ؟ فقال: أن يُصلحَ الرجلُ ماله ويحسنَ إلى إخوانه (?).

وذكر الهيثم وهشام وأبو اليقظان عنه ألفاظًا منها أنَّه قال (?): لا سلطانَ إلَّا بالرجال، ولا رجال إلا بمال، ولا مال إلا بعمارة، ولا عمارةَ إلَّا بعَدْل.

وقال: السلطان بأصحابه كالبحر بأمواجه، وما أحوجَه إلى ناصح، وليس عليه أضرَّ من صاحبٍ يُحسِنُ القولَ ولا يُحْسن الفِعْلَ، ولا خَيرَ في القول إلا مع الفعل، ولا في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015