قتلتُم خيرَ مَن ركب المطايا ... ورَحَّلَها ومَن ركبَ السَّفينا
ومن لَبس النِّعال ومَن حَذاها ... ومن قرأ المَثَانيَ والمِئينا
إذا استقبلت وَجْهَ أبي حُسَينٍ ... رأيتَ البَدْرَ راعَ النَّاظِرينا
لقد علمتْ قريشٌ حيث كانت ... بأنَّك خيرَها حَسَبًا ودينا
وقال الهيثم: قال شاعر الخوارج عمران بنُ حِطَّان يرثي ابنَ مُلْجَم: [من البسيط]
يا ضربةً من تقيٍّ ما أراد بها ... إلا ليَبْلُغَ من ذي العَرْشِ رِضوانا
إني لأذكُرُه يومًا فأحْسِبُه .. أوفى البريَّةِ عند الله مِيزانا
أكرِمْ بقومٍ بُطونُ الأرضِ أَقْبُرُهُم ... لم يَخلِطوا دينَهم بغيًا وعُدوانا (?)
ولما وقف أبو الطيّب الطَّبريّ على هذه الأبيات أجابه فقال: [من البسيط]
إني لأبرأُ مما أنت قائلُه ... عن ابنِ مُلجم الملعون بُهتانا
إني لأذكُره يومًا فألعَنُه ... [دِينًا] وألعنُ عِمرانًا وحِطَّانا
عليك ثم عليه الدَّهرَ مُتَّصِلًا ... لعَائنُ اللهِ إشرارًا وإعْلانا
فأنتم من كلاب النَّارِ جاء به ... نصُّ الشَّريعة بُرهانا وتِبيانا
يريد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الخوارج كلابُ أهل النار" (?).
قلت: وهذا عمران بن حِطّان كان من شعراء الخوارج، عاش إلى أيام عبد الملك بن مروان، وبلغ قوله: يا ضربة من تقيٍّ عبد الملك، فنَذر دمَه، وأخذتْه الحميَّة، ووضع عليه العيون ليقتله، فهرب منه، وجعل يتقلَّب في الأمصار والبَراري، فلم يُجِرّه أحد، فأتى رَوْحَ بنّ زِنْباع -وكان خَصِيصًا بعبد الملك- فنزل عليه، وأقام في ضيافته أيامًا ولم يُعَرّفه نفسه، وكان عابدًا مُتَنَسِّكًا، فعارضه يومًا فرآه أديبًا، فأُعجب به رَوْح وقال: مَن أنت؟ قال: رجلٌ من الأزد، وأخبر