ذكرت [ثلاثًا] قد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالهن له؛ فلن أسُبّه أبدًا، لأن تكون لي واحدةٌ منهن أحبّ إليّ من حُمْر النَّعَم، فذكر حديث الراية يوم خيبر - وسنذكره بعد هذا - ولما نزل قوله تعالى {فَقُلْ تَعَالوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} الآية [آل عمران: 61] دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليًّا وفاطمة والحسن والحسين وقال: "اللهم هؤلاء أهلي"، وسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له وقد خلّفه في بعض مغازيه: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبيَّ بعدي" (?).
وقد أخرجه ابن سعد بإسناده عن أبي سعيد قال: غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك، وخلّف عليًّا في أهله، فقال بعض الناس: ما منعه أن يخرج به إلا كره صُحبَته، فبلغ ذلك عليًّا، فذكره لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له: "يا ابن أبي طالب، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى" (?).
وأخرجه أحمد بن حنبل في "الفضائل" عن ابن بُريدة، عن أبيه (?) قال: خرج علي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ثَنيَّة الوداع يبكي ويقول: خلَّفتَني مع الخَوالِف؟ ما أحبُّ أن تخرج في وَجْهٍ إلا وأنا معك، فقال له: "ألا ترضى ... " وذكره.
وقال الزهري: إنما خلفه في أهله كما فعل موسى بأخيه هارون لما ذهب إلى المِيقات، وكانت المدينة قد خلت من الرجال، فخاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها، فتحدَّث المنافقون وأرجفوا وقالوا: ما تركه إلا لأنه كَرهه، فقال: "أنت خليفتي في أهلي".
وقوله: "لا نبيّ بعدي" إشارة إلى نَسْخ الشرائع بشرعه.
وإنما قال معاوية لسعد: ما منعك أن تَسُبَّ أبا تراب؛ لأنه أراد أن يستَفْسِر منه هل يرى ذلك أم لا؟ وكان معاوية يسبُّ أمير المؤمنين، فتورّع سعد عن ذلك.
وذكر المسعودي في كتاب "مروج الذهب" (?): أن سعدًا لما قال هذه المقالة