قال أنس: بعث رسولُ الله - صَلَّى الله عليه وسلم - المقدادَ على سَرِيَّة، فلما قدم قال له: "يا أبا مَعْبَد، كيف وجدتَ الإمارة؟ قال: كنتُ أُحْمَل وأُوضَع، حتَّى رأيتُ أن لي على القوم فَضْلًا، قال: "هو ذاك، فخُذْ أو دَعْ"، فقال: والذي بعثك بالحق، لا أتأمَّر على اثنين أبدًا.
وشهد المقداد مع عمر رضوان الله عليه الجابية، وكان على ربع أهل اليمن، وخرج معه في خَرْجته التي رجع فيها من سَرْغ أميرًا على رُبْع اليمن.
وشهد اليرموك، وهو القارئ لآيات الجهاد من سورة الأنفال؛ التي سنَّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند لقاء العدو، وشهد فتحَ مصر، وغزا إفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح سنة سبعٍ وعشرين.
وقالت كريمة بنت المقداد: أوصى المقداد لكلِّ واحدٍ من الحسن والحسين بثمانية عشر ألف درهم، وأوصى لكل واحدة من أزواج رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - بسبعة آلاف درهم، فقبلوا وصيَّتَه.
قال أبو فائد: مرض المقداد، فسُقي دُهنَ الخِرْوَعِ فمات، وكان بالجُرُف على ثلاثة أميالٍ من المدينة، فحُمل على أعناق الرجال، حتَّى دُفن بالبقيع، وصلى عليه عثمان رضوان الله عليه، وهو ابنُ سبعين سنة أو نحوها، وجعل عثمان - رضي الله عنه - يُثني عليه بعد وفاته، فقال له الزبير - رضي الله عنه -: [من البسيط]
لا أَلفيَنَّك بعد الموتِ تَنْدُبُني (?)
وذلك لأنَّ عثمان رضوان الله عليه كان قَصَّرَ في حقّه.
أسند المقداد - رضي الله عنه - الحديث عن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم-، واختلفوا في عددها، والمشهور اثنان وأربعون حديثًا.
روى عنه علي، وابن مسعود، وابن عباس، وطارق بن شهاب، والمستورد بن شداد، وسعيد بن العاص، والسائب بن يزيد، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وجُبير بن نُفَير، وعبيد الله بن عدي بن الخِيار وغيرهم (?).