الكَذب لا يَصلُح منه جِدٌّ ولا هَزْلٌ، ولا يَعِدِ الرَّجلُ صَبيَّه شيئًا ثم لا يُنجِزُ له، ألا وإن الكَذبَ يَهدي إلى الفُجور، وإن الفُجورَ يَهدي إلى النَّار، وإن الصّدقَ يَهدي إلى البِرِّ، وإن البِرَّ يَهدي إلى الجنَة، ألا وإنه يُقال للصّادق: صَدقَ وبَرَّ، ويُقال للفاجر: فَجر وكَذب، وإن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - حدَّثنا أن الرجل يَصْدُق حتَّى يُكتبَ عند الله صِدِّيقًا، ويَكذب حتَّى يُكتبَ عند الله كذابًا، ألا وهل أُنَّبِّئكم بالعَضْهِ؟ قالوا: وما العَضْه؟ قال: النَّميمة، وهي تُفسِدُ ما بين النَّاس.
وقال ابنُ مسعود - رضي الله عنه -: إن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأوثقَ العُرى كلمةُ التَّقوى، وخيرَ المِلَل ملَّةُ إبراهيم، وأحسنَ السِّيرة سيرةُ محمد - صلى الله عليه وسلم -، وخيرَ الهَدْي هَدْيُ الأنبياء، وأشرفَ الحديثِ ذكرُ الله، وخيرَ القصص القرآنُ، وخيرَ الأمورِ عواقبُها، وشرَّ الأمور مُحدَثاتُها، وما قَلَّ وكفى خيرٌ ممَّا كَثُر وأَلهى، ونَفْسٌ تُنْجيها خيرٌ من إمارةٍ لا تُحصيها، وشَرّ النَّدامة ندامةُ يوم القيامة، وشرّ الضَّلالِ الضلالةُ بعد الهُدى، وخير الغِنى غِنى النَّفس، وخير الزَّاد التَّقوى، وخير ما أُلقِي في القلب اليقينُ، والرّيبُ من الكُفر، وشرّ العَمي عَمى القَلب، والخَمرُ جِماعُ الإثم، والنساء حَبائلُ الشَّيطان، والشّبابُ شُعبةٌ من الجُنون، والنَّوحُ من عمل الجاهلية، ومن النَّاس مَن لا يَأتي الجمعةَ إلَّا دَبْرا، ولا يَذكر الله إلَّا هَجرا، وحُرمَةُ مالِ المسلمِ كحُرمَةِ دَمِه، ومَن يَعْفُ يَعفُ الله عنه، ومَن كَظَم الغَيظَ يَأجُره الله، ومَن صَبر على الرَّزِيَّة أَعقَبَه حُسنَ الأجر، وشَرُّ المكاسبِ كَسْبُ الرِّبا، وشَرُّ المآكِل [أكلُ] مالِ اليتيم، وإنَّما يَكفي أحدَكم ما قنعتْ به نَفْسُه، وإنَّما يَصيرُ إلى أربعةِ أَذْرُعٍ في ذِراعين، ومِلاكُ الأمرِ خَواتيمُه، وأشرفُ الموتِ قَتْلُ الشُّهداء، ومَن يَعرف البلاء يَصبر عليه، ومَن يَستكبر يَضَعْه الله، ومَن يُطِع الشَّيطان يَعصِ الله، ومَن يَعصِ الله يُعَذّبْه.
وقال عبد الله بن مسعود: يَنبغي لحاملِ القرآن أن يُعرَفَ بليله إذ النَّاسُ نائمون، وبنهاره إذ النَّاسُ مُفطرون، وبحُزنه إذا النَّاسُ يَفرحون، وببكائه إذا النَّاس يَضحكون، وبصَمْته إذا الناسُ يَخلُطون، وبخُشوعه إذا النَّاس يَختالون، ويَنبغي لحامل القرآنِ أن يكون باكيًا مَحزونًا، حكيمًا حليمًا سكينًا، ولا يَنبغي له أن يكون جافيًا، ولا غافلًا، ولا صخَّابًا، ولا صَيَّاحًا، ولا حَديدًا.