فصارت كلّها مسجدًا، فيحتمل أن معنى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- "صلاةٌ في مسجدي"؛ تَرغيبٌ في الصلاة فيه، فأما إذا زِيَد فيه، فإنَّ الزائدَ يَصير تبَعًا، فيكون له حُكْمُ الكُلَّ؛ لأن بَركتَه -صلى اللَّه عليه وسلم- تعمُّ الدنيا بأسرِها، ألا ترى أن عمر وسَّع في المسجدِ الحرامِ، والصلاةُ فيه في الفضيلةِ سواءٌ (?).

فصل

فصل: وحجَّ بالناس عثمان، وأتمَّ الصلاةَ بمكَّةَ وعَرفة، وضرب بمنًى فُسْطاطًا، وصلّى أربعًا.

وقال الواقدي: صلّى عثمان بمنى ومكَّةَ وعرفة أوَّل خلافته ركعتين ركعتين، حتى إذا كانت السنة السادسة من خلافتهِ صلّى أربعًا، فعاب الناسُ عليه ذلك، وهذا ثامنُ أمرٍ عابوه عليه، قال: وجاءه عليٌّ فقال: ما هذا؟ ما حَدَث أمرٌ ولا قَدُم عَهدٌ، وقد صلَّينا هاهُنا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكرٍ وعمر ركعتين، وفعلتَه صَدرًا من خلافتك، فلمَ أحدثتَ هذا؟ فقال: رأيٌ رأيتُه، فقال: بئس ما رأيتَ.

وجاءه عبد الرحمن بنُ عوف فأغلظ له، فقال: إني اتَّخذتُ بمكة أهلًا، ولي بالطائف مالٌ، وربما أقمتُ بعد الصَّدَرِ، فقد صرتُ من أهلها، وإن حُجّاجَ اليمنِ قالوا في العام الماضي: الصلاةُ للمقيمِ ركعتان، وهذا إمامكم يُصَلِّي ركعتين وهو مقيمٌ، فقال له عبد الرحمن: لا عُذْرَ لك فيما ذكرتَ.

وأما أهلُ اليمنِ فقد ضرب الإسلام بجِرانِه، وفعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك، وكان الناس حينئذٍ قليلًا، ولم يَفهموا ما قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى بيَّنه بفعلهِ وقولهِ: "أتِمُّوا صلاتكم فإنا قومٌ سَفْرٌ" (?).

وأما قولُك: إنك صِرتَ من أهلِ مكَّةَ، فلست من أهل مكة، زوجتك بالمدينة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015