وقال أبو عمرو بن العلاء (?): كان زيدٌ قد وفد على مُعاوية بن أبي سفيان، فأجلسه معه على سريره، وكان حسنًا جميلًا، فقال له بُسْرُ بن أبي أرطاة: يا ابن أبي تُراب، فقال زيد: إيّاي تَعني لا أُم لك! أنا واللَّهِ خيرٌ منك ومن أبيك وجَدِّك ومن هذا، يعني مُعاوية، ثم قام فنزل من السرير، فأخذ بعُنقِه فصرعه، وبرك على صَدْرِه، وجعل يَخنقُه، فنزل معاويةُ من السريرِ فحال بينهما، فقال زيد: يا معاويةُ، واللَّهِ ما شكرتَ الحُسْنى، ولا حَفِظْتَ ما كان منّا إليك، سلَّطْتَ عليَّ عبد بني عامر؟ ! فقال له معاوية: يا ابن أخي، أما قولُك إني كفرتُ الحسنى، فواللَّه ما استَعمَلَني أبوكَ إلّا من حاجته إليَّ، وأما ما ذكرتَ من الشُّكْرِ؛ فلقد وَصَلنا أرحامَكم، وقضينا حقوقَكم وأنتُم في منازلكم، فقال زيد: إني لأعلمُ أنَّ هذا لم يكن إلّا عن رأيكَ، واللَّه لا تَراني بعدها، وأنا ابنُ الخليفَتَيْن.

ثم قام وركب راحلتَه، وتوجَّه إلى المدينة، فأرسل إليه معاويةُ يَعزِم عليه إلا أتاه وقال: واللَّه إن أتَيْتَ وإلا أتيتُك، فرجع وقال: واللَّه لوِلا العَزيمة لما رجعتُ، فقام له مُعاوية، وأجلسه معه على سريره وقال: يا بُنيَّ، مَن نسي بلاءَ عمرَ فواللَّه ما أنساه، ولقد استَعمَلَني وأصحابُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- متوافِرون، وأنا يومئذٍ حَدَثُ السنِّ، فأخذتُ بأَدَبه، واهتديتُ بهَدْيه، واتَّبعتُ أَثَرهُ، واللَّهِ ما قَوِيتُ على العامة إلّا بمكاني منه.

وقضى مُعاويةُ جميعَ حَوائجه، وأمر له بمئة ألفِ درهم، وبعث إلى مَن كان مع زيدٍ وكانوا عشرين رجلًا فأعطى كل واحدٍ أربعةَ آلاف درهم (?)، وخَرَج فقَدِم المدينةَ، فأقام يسيرًا، ثم جَرَت تلك الكائنةُ فتُوفّي، وليس لزيدٍ عَقِبٌ.

وأما رُقيةُ أُختُ زيدٍ فتزوَّجها إبراهيم بن النَّحامِ، فماتت عنده.

وقال ابن قُتيبة: كان لعمر ولدٌ يقال له: مُجَبِّر، ولم يُعقِب (?).

وسنذكر أولاد عمر في تراجمهم على السنين إن شاء اللَّه تعالى (?).

واستَقضَى عليَّ بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- على المدينة، وشُريحًا على الكوفة، وكعب بنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015