فقلتُ له: ألك شأنٌ غيرُ هذا؟ فقال: يا أسلم، الجوعُ أسهَرهم وأبكاهم، فما أُحِبُّ أن أنصرفَ حتى يناموا، فناموا شباعًا وانصرفْنا (?).
قال ابن سعدٍ بإسناده عن زيدِ بن أسْلَم قال: كتب عمر بنُ الخطاب إلى عمرو بن العاص يسأله عن ركوبِ البحرِ، فكتب إليه عمرو يقول: دُودٌ على عُودٍ، فإن انكسر العودُ هلك الدّود، فأمسك عمر عن ركوبِ البحر، وفي رواية ابن سعدٍ أيضًا أن عمر قال: لا يَسألُني اللَّه عن ركوب المسلمين البحر أبدًا (?).
وروى عنه ابنُه عبد اللَّه أنه قال: لولا آية في كتاب اللَّه لعلوتُ راكبَه بالدِّرَّة، وهي قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس: 22].
وحضر بين يديه عام الرَّمادة من لحم جَزور في قصعة، فقال لغلامه يرفأ: اذهب بهذه القصعة إلى أهل بيت بثَمْغ، فإني لم آتهم منذ ثلاث، ودعا بالخبز والزيت، وأفطر عليه.
وكان يُدخل يدَه في دُبُر البعير ويقول: إني لخائف أن أُسألَ عمَّا بك (?).
وقال: لو مات جمل ضياعًا بشط الفرات لخفت أن يسألني اللَّه عنه.
رأى علي عمر رضوان اللَّه عليهما يَعْدُو على قَتَب، فقال له: إلى أين يا أمير المؤمنين؟ فقال: قد نَدّ بعير من إبل الصدقة، فقال: لقد أتعبتَ الخلفاء بعدك، فقال: يا أبا الحسن لا تَلُمْني، فواللَّه لو مات جَدْيٌ بطَفِّ الفُرات لخِفْتُ أن أطلَبَ به (?).
وجاء أعرابي إليه فقال له: يا أمير المؤمنين، إن بَعيري قد نَقِب فاحملْني، فنظر عمر رضوان اللَّه عليه إليه، وقال: ليسى ببعيرك شيء، فولّى الأعرابي وهو يقول: [من الرجز]
أقسم باللَّه أبو حَفْصٍ عُمَرْ
ما مَسَّه من نَقَبٍ ولا دَبَرْ