وقد ذكرنا في السيرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَقيل في بيتها، فكانت تَبسطُ له نِطْعًا، فيَعرقُ فتأخذُ عَرَقه، فتجعله في الطِّيب (?).
وقد أخرجه ابنُ سعد أيضًا، فقال لها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهي تَمسحُ العرقَ: ما تَصنعين يَا أُمَّ سُليم؟ فقالت: آخذُ هذا للبركة التي تخرجُ منك (?).
وهي التي كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُداعب وَلَدها فيقول: "أَبا عُمير، ما فعل النُّغَيْرُ؟ ".
وقال أحمد: حدثنا هُشَيم، عن حُمَيد، عن أنسٍ قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دخلتُ الجنَّةَ، فسمعتُ خَشْفة بين يديّ، فإذا هي الغُمَيْصاء بنت مِلْحان" أُمُّ أنس (?)، والخَشفة: الحركةُ، وقيل: الصوتُ.
وقال البخاري بإسناده عن أنس بن مالك قال: اشتكى ابنٌ لأبي طلحة من أُمِّ سُلَيْم، وخرج أبو طلحة، وقُبِضَ الصبيّ، فلما رجع أبو طلحة قال: كيف ابني؟ فقالت: هو أسكَنُ مما كان، وقرَّبتْ إليه العَشاء فتَعشَّى، وأصاب منها، فقالت: وارِ الصبيَّ، فأخبر أبو طلحة رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "أَعْرستُما الليلة؟ " فقال: نعم، قال: "اللهمَّ بارك لهما في ليلتهما"، فوَلَدت غُلامًا، فحمله إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخذ تَمراتٍ فمضغها، ثم جعلها في فَم الصبي، وحنكه، وسمّاه عبد اللَّه. أخرجاه في الصحيحين (?).
وأخرجه أحمد في "المسند" عن أنسٍ وفيه: مات ابنٌ لأبي طلحةَ، فقالت أُمُّ سليم: لا تُحدِّثوا أَبا طلحة حتى أكون أنا أُحدِّثُه، ثم قامت فتصنَّعت أحسن ما كانت تصنَّع قبل ذلك. وقَرَّبت إليه عَشاءً، فأكل وأصابَ منها، فقالت له: أرأيتَ لو أنَّ قومًا أعاروا أهلَ بيتٍ عارِيَّةً ثم طلبوها منهم، أكان لهم أن يَمنعوهم منها؟ قال: لا -وفي روايةٍ: ألا أُعجبك من جيراننا؟ قال: وما لهم؟ قالت: أُعيروا عارِّيةً، فلما طُلِبت منهم جَزعوا، فقال: بئس ما صنعوا- قالت: فاحتسب ابنَك فهو العارِّيةُ، وفيه: أن رسول