قال الخطيب في إسناده عن أبي بكر (?) بن عيّاش (?) قال: لما خرج عليٌّ عليه السلام إلى صفين؛ مرَّ بخراب المدائن، فتَمثَّل رجلٌ من أصحابه فقال:
جَرت الرِّياحُ على مَحلِّ ديارهم ... فكأنَّهم كانوا على مِيعادِ
فإذا النَّعيمُ وكلُّ ما يُلهى به ... يومًا يصيرُ إلى بِلى ونَفاد
من أبيات، فقال علي: لا تَقلْ هكذا ولكن قُل {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25)} إلى قوله: {قَوْمًا آخَرِينَ} [الدخان: 25 - 28] إن هؤلاء كانوا وارِثين فأصبحوا مَوروثين، وإنهم استحلُّوا الحرم، فحَلَّت بهم النِّقم، ولا تكونوا أمثالَهم (?).
وُجد ثلاثةُ آلاف ألفِ ألفِ دينار -ثلاث مرات- ومن الجواهر والتُّحفِ والألطاف (?) والأمتعة أكثر من قيمة ذلك، وأما من الأسلحة والبقر والغنم والأطعمة وما أعدُّوا للحصار فشيءٌ لا يحصى.
وروى سيف بن عمر، عن الأعمش، عن حبيب بن صُهبان قال: دخلْنا المدائن، فأتينا على قِبابٍ تُركيّة مملوءةٍ سلالًا مختومة بالرّصاص، فما حسبناها إلا طعامًا، فإذا آنيةُ الذّهب والفضّة، فقسمت بعدُ بين الناس، فلقد رأيتُ الرَّجل يطوف ويقول: مَن معه بيضاء بصفراء؟ وأَتينا على كافورٍ كثيرِ، فما حَسِبناه إلا مِلحًا، فجعلنا نَعجِنُ به حتى وجدنا مرارتَه في الخُبز (?).
قال سيف: ووجدوا بساط الإيوان، وكان ستين ذراعًا في مثلها، فيه طرقٌ كالأنهار، وقصورٌ كالدُّرِّ، ووسطه كالأرض المزروعة مثل زهر الرَّبيع، ويُقال له: