حديث في الصلاة: قد ذكرنا صلاةَ أبي بكر رضوان اللَّه عليه بالناس في مرض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا حديثا يختصُّ بحالة الصّحة.
قال سهل بن سعد: كان قتالٌ في بني عمرو بن عوف حتى تَرامَوا بالحجارة، فبلغ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأتاهم ليُصلح بينهم بعد الظهر، وقال: يا بلال، إن حَضرت الصلاة ولم آتِ فَمُرْ أبا بكر أن يُصلّي بالناس، وجاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من حيث ذهب، فجعل يَتخلّل الصفوف، حتى بلغ الصفَّ الأوّل، ثم وقف، وجعل الناس يُصفِّقون ليُؤذِنوا أبا بكر برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان أبو بكر لا يَلتفتُ في الصلاة، فلما أكثروا عليه التفت، فإذا هو برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خلفه مع الناس، فأشار إليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن اثْبُتْ، فرفع يديه كأنه يدعو، ثم استأخر القَهْقَرى حتى جاء الصف، فتقدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فصلى بالناس، فلما فرغ من صلاته قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما بالكم، أَنابَكم في صلاتكم شيءٌ فجعلتم تصفِّقون؟ ! إذا ناب أحدَكم شيءٌ في صلاته فليسبِّح اللَّه تعالى، فإنما التسبيحُ للرجال، والتَّصفيقُ للنساء", ثم قال لأبي بكر: "لم رفعتَ يديك، ما منعك أن تَثبُتَ حين أشرتُ إليك؟ ", فقال: رفعتُ يديَ لأني حَمدتُ اللَّه عز وجل على ما رأيتُ منك، ولم يكن لابن أبي قُحافة أن يَؤمَّ برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (?).
حديث المرأة: قال جُبير بن مُطعم: أتت امرأةٌ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأمرها أن ترجعَ إليه، فقالت: أرأيتَ إن جئتُ فلم أرك أو أجدَك؟ كأنها تقول: الموت، قال: "فأتي أبا بكر". متفق عليه (?).
فصل في حديث التَّخَلُّل بالعباءة: قال جدي رحمه اللَّه بإسناده عن عبد اللَّه بن عمر قال: كنتُ عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعنده أبو بكرٍ الصديق، وعليه عباءةٌ لا قد خَلّها في صدره بخِلالٍ، فنزل عليه جبريل فقال: يا محمَّد، ما لي أرى على أبي بكرٍ عباءةً قد خَلَّها في صدره؟ فقال: يا جبريل، إنه أنفقَ عليَّ مالَه قبل الفتح، فقال: قُلْ له: الحقُّ يُقرئك السلام، ويقول لك: أراضٍ أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فقال أبو بكر: أأسخط على ربي؟ أنا عن ربي راضٍ. قالها ثلاثًا (?).