ذكر إنفاقه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما أعتق

ذكر إنفاقه على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وما أعتق: قال ابن سعدٍ بإسناده عن أسامة بن زيد ابن أسلم عن أبيه قال: كان أبو بكرٍ معروفًا بالتجارة، لقد بُعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعنده أربعون ألفًا -قال عروة بن الزبير: أربعون ألف دينار، وغيره يقول: أربعون ألف درهم- فلم يزل يُقوي المسلمين، ويُعتِق منها؛ حتى قدم المدينة ومعه خمسةُ آلاف درهم، فكان يفعل فيها ما يفعل بمكة، حتى تُوفِّي ولم يترك دينارًا ولا درهمًا (?).

وقال أحمد بن حنبل: حدثنا [أبو] معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما نَفعَني مالٌ كمال أبي بكرٍ" فبكى أبو بكر وقال: وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول اللَّه (?). وفي روايةٍ: "ما لأحدِ عندنا يدٌ إلَّا وقد كافيناه عليها ما خلا أبا بكرٍ، فإن له عندنا يدًا يكافيه اللَّه عليها" (?).

فإن قيل (?): فقد أنفقت عليه خديجة أضعافَ ذلك، وما قال: ما نفعني مالٌ كمالِ خديجة، فالجواب: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُثنى على خديجة، ويَعترف بإنفاقها عليه، وإحسانها إليه، على ما ذكرناه في ترجمتها (?). وقولُه: "ما نفعني مال كمال أبي بكرٍ", أراد به المبالغةَ في الثناء عليه.

وقد ذكر جدي رحمه اللَّه في كتاب "المنتخب" وقال: إذا أراد اللَّه قَبول نَفقةٍ قَدَّر لها فاقةَ مُحتاجٍ، وأَحوجُ ما كان الإِسلامُ إلى نفقة أبي بكرٍ، فلهذا حُلِّي حليةَ: "ما نفعني مال كمالِ أبي بكرٍ".

وقال في إنفاق خديجة: أنفقت خديجةُ لشائبةِ هواها، ونفقةُ أبي بكرٍ لقاعدةٍ بناها.

قلت: فأبو بكرٍ -رضي اللَّه عنه- إنما أنفق بعد الرسالة ونزول الوحي، وذلك في سنة أربعين من النبوَّة، ورسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تزوَّج خديجة وهو ابن خمسٍ وعشرين سنة، قبل النبوة بخمس عشرة سنةً، فإنفاقُ خديجةَ عليه مُتقدّم على إنفاق أبي بكر بخمس عشرة سنةً، ثم شاركت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015