وقال أحمد بإسناده عن الحكم قال: سمعتُ ابنَ أبي ليلى يقول: حدَّثنا عليٌّ: أن فاطمةَ اشتكت ما تلقاه من أثر الرّحى في يدها، وأُتيَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بسَبْيٍ، فانطلقتْ فلم تجِدْه، ولقيت عائشة فأخبرتها، فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرتْه بمجيء فاطمة إليها، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أخذنا مَضاجِعَنا، فذهبنا لنَقومَ فقال: "على مكانكما"، فقَعد بيننا حتى وجدتُ بَرْدَ قدميه على صَدْري، فقال: "ألا أُعلّمكما خيرًا مما سألتُما؟ إذا أخذْتُما مضاجعكما أن تُكبِّرا الله أربعًا وثلاثين، وتُسبّحاه ثلاثًا وثلاثين، وتحمداه ثلاثًا وثلاثين، فهو خيرٌ لكما من خادم". أخرجاه في الصحيحين، وفي رواية: "من خادمٍ وخادمة" (?).
ذكر وفاتها: قال ابن سعد بإسناده عن عامر قال: جاء أبو بكرٍ إلى بيت عليًّ لما مَرضت فاطمةُ، فاستأذن عليها، فقال عليٌّ: هذا أبو بكرٍ على الباب يَستأذن، فإن شئتِ أن تأذني له فَأْذني، قالت: وذاك أحبُّ إليك؟ قال: نعم، فأَذِنت له، فدخل واعتذر إليها، فرضيت عنه (?). وهذا يدلُّ على صِحّة الرواية أنها هَجرت أبا بكر مُدَّةَ حياتها.
واختلفوا في كيفيّة غسلها على أقوالٍ:
أحدها: أن الملائكة غَسَّلتها، قاله الهيثم.
والثاني: أن عليًّا عليه السلام غَسّلها، وهو الظاهر.
والثالث: أنها غَسّلت نفسَها، فقال أحمد بن حنبل في كتاب "الفضائل" بإسناده عن عُبيد الله بن علي بن أبي رافع، عن أبيه، عن أمه سَلمى قالت: اشتكت فاطمة، فأصبحتْ يومًا كأَمثلِ ما كانت، فخرج عليٌّ، فقالت: يا أمّاه، اسكُبي لي غُسْلاً، فسكبتُ لها، فاغتسلتْ ثم قالت: هاتي ثيابي الجُدُد، فأتيتُها بها، فلبستْها ثم قالت: قَدَّمي الفِراشَ إلى وَسَط البيت، فقدَّمَتْه، فاضجعتْ عليه، واستقبلت القبلة، وتبسَّمت، وما رأيتُها مُتَبسِّمةً إلا يومئذ، ووضعَتْ يدها تحت نَحْرِها وقالت: إني مقبوضةٌ، وقد اغتسلتُ فلا يَكشِفني أحدٌ، ثم قُبِضَتْ، ودخل عليٌّ فأخبرتُه، فبكى ثم قال: والله لا يَكشِفها أحدٌ، ثم حملها بغُسْلها ذلك فصلى عليها ودفنها (?).