كرَحاه، وحديثًا لا تَنْساه، فصاح عُيينة: يا بني فَزارة، انصرفوا عنه فإنه والله كذّاب.
وقال له الأقرع: أظنُّ أنه قد علم الله أنه سيكون لك حديثٌ لا تنساه، هذا والله يا بني فَزارة كذّاب، فانطلقوا لشأنكم. فَفَرُّوا عنه، وبقي طُليحة في أصحابه، وكان قد أعدَّ عنده فرسًا، وهيّأ لامرأته النّوار بَعيرًا، فركب الفرس، وحمل امرأته على البعير، وسلك الحُوشِيَّة حتى لحق بالشام،
ولما سار إلى الشام هاربًا عطش هو وأصحابُه في الطريق، فقالوا: يا أبا عامر ما بقي من كَهانتك؟ فقال لرجل منهم يقال له مخراق: اركب فرسًا رِئبالًا، ثم سر عليه إقبالًا، فإنك ترى فارات طوالًا، فإنك تجد عندها ماءً زلالًا، وكان يعرف تلك الأماكن، فمضى مخراق إلى الفارات، فوجد عندها عينًا، فشربوا منها وسقوا.
ونزل طليحة على كلب على النقع، وهو اسم مكان بالشام، ثم أسلم، وحضر فتح نهاوند، وقُتل شهيدًا، وأَسرَ خالد عيينةَ بنَ حصن وقُرَّة بنَ هُبيرة، وبعث بهما إلى أبي بكر - رضي الله عنه - موثقَيْن، فلما دخلا عليه قال له قُرَّة: يا خليفة رسول الله، إني كنت مسلمًا، وقد مرَّ بي عمرو بن العاص فأعطيتُه الصدقة، فأرسل أبو بكر إلى عمرو، فشهد بذلك، فتجاوز عنه، وحقن دمَه، ولما دخلوا بعُيَيْنة المدينة، مغلولة يده إلى عنقه، جعل صبيان المدينة يضربونه بالجريد، ويقولون: يا عدوَّ الله، أكفرت بالله؟ وهو يقول: والله ما كنت مسلمًا قط، فتجاوز أبو بكر عنه، وحقن دمه.
وكرَّ خالد على بني عامر، وكانوا قد اعتزلوا ناحيةً ينظرون لمن الدَّبَرة، فهزمهم خالد، وأخذ أموالهم، وقتلهم، وقتل بني فَزارة.
وقال الهيثم: لما رأى بنو عامر ما جرى على طُليحة، جاؤوا إلى خالد وأسلموا.
وأمّها أمُّ قِرْفَة بنت حذيفة (?)، وكانت سَلمى سُبيت في السنة السادسة، فوقعت لعائشة، فأعتقتها.
قال هشام: فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عائشة وهي عندها فقال: "إن إحداكنّ