ويحك يا ابن الخطاب جئت لتحرق بيتي؟ قال: نعم، أريد أن تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة، فخرج علي حتى دخل على أبي بكر فبايعه، فقال له أبو بكر: أكرهت إمارتي؟ قال: لا، ولكن آليت أن لا أرتدي بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أجمع القرآن، فعليه حبست نفسي (?).

والصحيح: أن عليًا رضوان الله عليه إنما بايع بعد مدة لما نذكر، والله أعلم.

وقال أنس: جلس عمر على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك من الغد في اليوم الذي توفي فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتشهد وأبو بكر صامت، ثم قال: أما بعد فإني قلت لكم أمس مقالة، وإنها لم تكن كما قلت، وإني والله ما وجدت تلك المقالة في كتاب أنزله الله ولا في عهد عهده إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن كنت أرجو أن يعيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يَدْبُرَنا، فإن يك قد مات فإن الله قد جعل لكم نورًا تهتدون به هَدي محمد - صلى الله عليه وسلم - فاعتصموا به تهتدوا، وإنما هدى الله به بما هدى الله به رسوله، وإن أبا بكر صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثاني اثنين، وإنه أولى الناس بأموركم، فقوموا، فبايعوه، قال: وكانت طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة، وكانت بيعة العامة عند المنبر، قال أنس: فرأيت عمر يزعج أبا بكر إلى البيعة إزعاجًا (?).

ولم يبايع علي أبا بكر - رضي الله عنهما - إلا بعد ستة أشهر.

وقال المسعودي: لما جددت البيعة لأبي بكر يوم الثلاثاء على العامة خرج علي بن أبي طالب فقال: أيفتأت علينا في أمرنا ولم نستشر فيه؟ فقال أبو بكر: بلى، خشينا الفتنة، قال: ولم يبايع أبا بكر أحد من بني هاشم حتى ماتت فاطمة - عليها السلام - (?).

وذكر الطبري: أن عليًا رضوان الله عليه كان في بيته، فقيل له: قد بايع الناس أبا بكر، فخرج في قميص ما عليه إزار ولا رداء عجلًا كراهية أن يبطئ عنها، فبايع أبا بكر، وجلس إليه، وبعث إلى بيته فأتي بثوبه، فتجلله (?). وهو وهم من الطبري.

قال المصنف رحمه الله: وقد ذكر ابن إسحاق قصة البيعة مطولًا، فاختصرته، قال: لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الحباب بن المنذر: يا معاشر الأنصار، أمِّروا عليكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015