وأخرج الإمام أحمد رحمة الله عليه عن عائشة رضوان الله عليها قالت: قلت: يا رسول الله، ألا نَبني لك بمنًى بيتًا أو بناءً يُظلُّك من الشمسِ؟ فقال: "لا، إنَّما هو مَناخٌ لمَن سَبق إليه" (?).
وفيها: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذًا إلى اليمن، [وكان قد بعثه قبل ذلك وعاد، فلما فصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حجة الوداع بعثه إليها] فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعاذ باليمن.
وعن ابن عباس قال: لما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذًا إلى اليمن قال له: "إنَّك تَأتي قومًا أهلَ كتابٍ، فَادْعُهم إلى شَهادةِ أَن لا إلَه إلَّا الله، وأَنِّي رسول الله، فإنْ هُم أَطاعُوكَ لذلِكَ، فَأَعلِمْهم أَنَّ الله قد افْتَرضَ عليهم خمسَ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ، وصدقةً في أموالهم تُؤخذ من أَغنيائهم وتُردُّ في فُقرائهم، وإيَّاك وكَرائمَ أَموالِهم، واتقِ دَعوةَ المظلومِ فإنَّها ليسَ بينها وبينَ الله حجابٌ". أخرجاه في "الصحيحين" (?).
وأخرج الإمام أحمد رحمة الله عليه، عن معاذ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه إلى اليمن خرج معه يوصيه، ومعاذ راكب ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي تحتَ راحلتِه، فلما فرغ قال: "يا معاذُ، إنَّكَ عَسَى أن لا تَلْقاني بعدَ عامي هذا، ولَعلَّك تمرُّ بمسجدِي وقَبْري" فبكى معاذٌ خَشَعًا لفراقِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم الْتَفت، فأقبلَ بوجهه نحو المدينةِ، وقال: "إنَّ أَوْلَى الناسِ بي المتَّقون مَن كانوا وحيثُ كانوا" (?).
وأخرج الإمام أحمد رحمة الله عليه عنه أنه كان يقول: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن قال: "لعلَّك تمرُّ بقَبري ومسجدِي، قد بَعثتُكَ إلى قومٍ رَقيقةٍ قُلوبُهم، يُقاتِلونَ على الحقَّ مرتين، فقاتِل بِمَن أَطاعَكَ منهم مَن عَصاك، ثم يَفيئون إلى الإسلامِ حتى تُبادرَ المرأةُ زوجَها، والولدُ والدَه، والأخُ أَخاهُ، وانزِل بين الحيين السَّكون والسَّكاسِكِ" (?).
وفيها: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن العاص إلى جَيْفَر وعبد ابني الجُلَنْدَى مَلِكَي