معه الهدي، قالوا: ننطلق إلى منًى، وذَكَرُ أحدنا يقطر، فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لو أَنِّي استَقْبَلتُ من أَمرِي ما اسْتَدْبَرتُ ما أَهدَيتُ"، وحاضت عائشة فنسَكت المناسكَ كلَّها غير أنها لم تطف بالبيت، فلما طَهُرت طافت، ثم قالت: يا رسول الله، أتنطلقون بحج وعمرة وأنطلق بالحج؟ فأَمَر عبد الرحمن أن يخرجَ معها إلى التَّنعيمِ، فاعتَمَرت بعد الحجِّ في ذي الحجة (?).
وعن جابر بن عبد الله قال: رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمرة بمثل حصى الخذف (?).
ومعنى لبيك: أنِّي مقيم على طاعتكَ وأمرك، وقيل: هي مأخوذةٌ من الإجابة للخليلِ - عليه السلام - لما أذَّن في الحجِّ فنادى: "أَيُّها الناسُ، إنَّ رَبَّكم قد بَنَى بيتًا فحجوه" قال ابن عباس: فلا يأتي أحد هذا البيت إلا وهو يقول: لبيك اللهمَّ لبيك، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهلَّ بالتوحيد: "لبَّيكَ اللهمَّ لبَّيكَ، لا شريكَ لكَ لبَّيكَ، إنَّ الحمدَ والنَّعمةَ والملكَ لك، لا شَريكَ لك".
وروي أن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه كان يزيد: لبَّيكَ ذا النَّعماء والفضلِ الحَسَن، لبيكَ لبيكَ مرغوبًا إليك.
وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول: لبيك وسعديك، والخير كله بيديك، والرغبة إليك.
وكان أنس يقول: لبيك وسعديك حقًا حقًا، تعبدًا ورقًا.
وقال سعيد بن جبير: قلت لابن عباس: عجبًا لاختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إهلاله بالحج! ؟ فقال ابن عباس: إنِّي لأعلم الناس بذلك، إنها إنما كانت حجةً واحدةً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن هنالك اختلفوا، خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجًا، فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه، فأهلَّ بالحج حين فرغ من صلاته، فسمع ذلك منه أقوام فحفظوا عنه، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسالًا، فسمعوه حين استقلت به ناقته، ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما علا على شرف البيداء