وكان ابن أختها، وهو يومئذ شاب، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرآه عندها، فغضب، ورجع، فنادته: يا رسول الله إنه ابن أختي، فرجع، وأكرمه، وصلى بعد الظهر والعصر، ومسح على رأسه وبعض وجهه، فكانت بنو هلال بن عامر يقولون: ما زلنا نعرف البركة في وجه زياد، وكان لزياد ابن اسمه علي، فقال فيه الشاعر (?): [من الكامل]
يا بن الَّذي مسَحَ الرسول بوجههِ ... ودعا له بالخير عندَ المسجدِ
أعني زيادًا لا أُريد سواهُ من ... متيمن أو غائرٍ أو منجدِ
ما زالَ ذاك النُّور في عرنينه ... حتَّى تبوَّأ بيتَه في ملحَدِ
وفد الرَّهاويين، وكانوا خمسة عشر رجلًا، فأَنزلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دار رملة بنت الحارث، وجاءهم، فأسلموا، وأهدوا له هدية فيها فرس يقال له: المرواح، فأعجبه، وأجازهم، وكتب لهم بمئة وسق من خيبر، وعقَد لهم لواءً، فلم يزل عند عمرو بن سبيع الرَّهاوي، وكان عليهم حتَّى قاتل يوم صفين مع معاوية، وقال عمرو في طريقه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الأبيات (?):
إليكَ رسولَ الله أعملتُ نصَّها ... تجوزُ الفَيافي سَمْلَقًا بعد سَمْلَقِ
على ذاتِ الواحٍ أُكلفها السُّرى ... تَخُب برحلي مرَّة ثم تُعنقِ
فما لكِ عندي راحةٌ أو تَلجلجي ... بباب النبيِّ الهاشميِّ الموفَّقِ
وفد بني عامر بن صعصعة، وكان فيهم عامر بن الطفيل، وأَربَد بن قيسٍ، وخالد بن روم (?)، وجبار بن سلمى بن مالك، وهؤلاء النفر رؤساء القوم وشياطينهم، فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له عامر بن الطفيل: يا محمد، ما لي إن أسلمتُ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لكَ ما للمسلمينَ، وعليكَ ما عليهم"، قال: لا، إلَّا أن تجعل لي الأمر بعدك, فقال: "ليسَ ذاكَ لكَ ولا لقومِكَ" قال: فتجعل لي الوبر، ولك المدر، قال: "لا،