فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأرجو أن نموت جميعًا" فمات الغلامُ ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في يومٍ واحدٍ (?).

* * *

وفي ربيع الآخر بعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الوليدَ بن عُقْبة بن أبي مُعَيْطٍ مُصَدِّقًا إلى بني المصطلق من خُزاعةَ وكانوا قد أسلموا وبَنَوُا المسجد، فلما دنا منهم الوليد خرج إليه عشرون رجلًا يتَلقَّوْنه بالجزور والغنم فرحًا به، فلما رآهم ولَّى راجعًا إلى المدينةِ وأخبرَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّهم لقوْه بالسلاح وحالوا بينه وبين الصدقةِ، فهمَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبعث إليهم من يغزوهم، وبلغ القوم، فقدم عليه الذين لقوا الوليد وقالوا: يا رسول الله هل ناطقَنا أو كَلَّمنا كلمةً واحدةً؟ فأنزل الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} الآية [الحجرات: 6]. وقيل: كان بين الوليد وبينهم عداوة في الجاهلية، فلما سمعوا به تلقَّوْه تعظيمًا لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فظنَّ أنهم يريدون قتله فهابهم ورجع (?).

وفيها: قدم عدي بن حاتم إلى المدينة في جمادى الأولى.

قال عدي بن حاتم: ما كان رجلٌ من العرب أشدَّ كراهيةً لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مني، لأني كنت رجلًا نصرانيًا شريفًا في قومي مَلِكًا عليهم، فخِفْتُ على مُلْكي ونَفْسي، فقلت لغلامي: أَعْدِدْ لي إبلًا سِمانًا فاحْتَبِسْها قريبًا مني، فإذا سمعت بجيش محمد وطئَ البلاد فآذنّي، فجاء يومًا فقال: هذه جيوشُ محمد، فاحتملتُ بأهلي وقلت: ألحقُ بالشام فأكون عندَ النَّصارى، وخلَّفتُ ابنةَ حاتمٍ بالحاضِر، وجاء علي بن أبي طالب فأصابها فيمن أصابَ وقدم بها على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في سبايا طيّءٍ، وبلغ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - هربي إلى الشام، فجعل ابنة حاتم في حظيرةٍ، وذكر بمعنى ما تقدم من قولها: هلك الوالد وغاب الوافد، فلما كان في اليوم الثالث قال لها: "قد مَنَنْتُ عليك فلا تخرجي حتى تجدي من قومك ثِقةً". قالت: فقدم قوم من قُضاعة فَقلت: يا رسولَ الله قد قدم ركبٌ من قومي لي فيهم ثقة وبلاغٌ، قال: فكساني وأعطاني وحملني ودفع إلي نفقةً،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015