قال: "قُولُوا، ولو شِئتُم لَقُلتُم فُصُدَّقْتُم: جِئتَنَا طرِيدًا فَآوَيناكَ، وعَائِلاً فآسَيْنَاكَ، وخائفًا فأَمَّناكَ، ومَخذْولاً فنَصرناكَ"، فقالوا: المنُّ لله ورسوله. فقال: "أَوجَدْتُم في لُعاعَةٍ مِنَ الدُّنْيا أَلَّفْتُ بها قومًا ليُسْلِموا، وَوَكَلْتُكُم إلى إسلامِكُم؟ أَلاَ ترضَوْنَ أَن يذهبَ الناسُ إلى رحالهم بالشَّاءِ والبَعيرِ، وتذهبون إلى رِحالِكُم برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، والذي نَفسي بيَدهِ، لو أنَّ الناسَ سَلَكُوا شعْبًا وَسَلكتِ الأنصارُ شِعْبًا، لَسَلكْتُ شِعْبَ الأَنْصارِ"، فبكى القوم حتى اخْضَلَّتْ لِحاهُم، وقالوا: رضينا بالله ورسوله (?).
[وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوفد هوازن، وسألهم عن مالك بن عوف: ما فعل؟ ] (?) فقالوا: هو بالطائف، فقال: "أخبروه فإن أتاني مُسلمًا رَدَدْتُ عليه أهلَه ومالَه وأعطيتُه مئةً من الإبل" فأُخْبِرَ مالكٌ فخرج من حصن الطائف فحبسوه (?)، فأمر براحلته فهيئت، وأمر بفرس له فأُتي به، فخرج ليلًا حتى لحق برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بالجِعِرانة أو بمكَّةَ، فردّ عليه ماله وأهله، وأعطاه مئة من الإبل، واستعمله على من أسلم من قومه (?).
* * *
وفي هذه الغزاة قال ذو الخُويصرة واسمه - حُرقوص بن زهير - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اعدل فما عدلت.
قال عبد الله بن عمرو بن العاص: أتى ذو الخويصرة التميمي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقسم الغنائم بحنين فقال: يا محمد، قد رأيتُ ما صنعتَ، فقال: "وكيفَ"؟ قال: لم أَرَكَ عَدَلْتَ، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "إذا لم يكُنِ العَدلُ عِندي، فَعِندَ مَن يَكُونُ؟ ! " فقال عمر بن الخطاب: دعني أضرب عنقه، فقال: "دَعهُ، فإنَّه سيكونُ لهذا