فدخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله فقال: "نَعَم" فقال: ألا أُوذِنُ الناسَ بالرحيل؟ قال: "بَلَى" فأذَّن فيهم بالرحيل (?).
وبعث رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حنظلةَ بن الربيع ابن أخي أكثم بن صيفي إلى أهل الطائف ينظرُ هل يريدون الصلح أم لا؟ فدخل عليهم فسألهم فقالوا: الموتُ دونَ ذلك، فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ونادى سعيد ابن عمرو بن عِلاجِ الثقفي من الحصن: ألا إن الحي لمقيم، فقال عيينة: أجل والله، مَجَدةٌ كِرامٌ، فقال له رجل من المسلمين: قاتلك الله يا عيينة تمدح قومًا مشركين وقد جئت تنصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ! فقال: إني والله ما جئت أقاتل معكم ثقيفًا، ولكن أردت إذا فتح محمد الطائفَ أن أُصيب من ثقيف جاريةً فأتَّطِئَها لعلها أن تلد ذكرًا، فإن ثقيفًا قومٌ مذاكِير (?).
فلما ولّى عيينةُ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا الأحمق المطاعُ" (?).
وقال أبو هريرة: لما مضت خمسةَ عَشَرَ يومًا من حصارهم استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نوفلَ بن معاوية الدِّيلي فقال: "مَا تَرَى؟ " قال: يا رسول الله ثَعْلَبٌ في جحر إن أقمت عليه أخَذْتَه، وإن تركته لم يضرك شيئًا، قال: ولم يؤذن له في فتحها، فأذَّن عمر في الناس بالرحيل فضَجُّوا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فاغدُوا على القِتال" فغدَوْا فأصاب المسلمين جراحاتٌ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنا قَافِلُونَ إنْ شاءَ اللهُ" فسرُّوا بذلك وجعلوا يرحلون ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحك (?).
وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضعًا وعشرين ليلة - والله أعلم - وكل ذلك يصلي ركعتين.
وقال أبو إسحاق الثعلبي: حاصر الطائف إلى آخر شوال. فلما دخل ذو القعدة وهو شهرٌ حرامٌ لا يَحِلُّ القتال فيه انْصَرفَ عنهم، وكان معه من نسائه أم سلمة وأخرى قيل: هي زينب بنت جحش.