بيدَيْهِ إحداهما على الأخرى "احصُدُوهم حَصدًا حتى تُوافوني بالصَّفا" قال: فانطلقنا فما يشاء أَحد منّا أن يقتل منهم من شاء إلا قتله، وما أَحد منهم يُوجِّه إلينا شيئًا، فجاء أبو سفيان فقال: أُبيدَتْ أَو أُبيحت خَضراءُ قريش، لا قُريشَ بعد اليوم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أَغلَقَ بابَه فَهو آمِنٌ، ومَن دَخَل دارَ أَبي سُفيانَ فهو آمِنٌ" فغلق النَّاسُ أبوابهم، وأَقبل النَّاس إلى دار أبي سفيان، وأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[إلى] الحِجْرِ وطاف بالبيتِ وفي يده قوسٌ قد أَخَذَ بِسِيَتِهِ، فأَتى في طوافه على صنم إلى جانب البيتِ يعبدونه، فجعل يطعن بها في عينه ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} [الإسراء: 81] ثم أتى الصفا فعلاه حيثُ ينظر إلى البيت ورفع يديه، وجعل يذكر الله بما شاء أَن يذكره ويدعوه [والأنصار تحته, قال] يقول بعضهم: أَما الرجلُ فقد أدركَتْه رغبةٌ في قرابته، ورأفةٌ بعشيرته، وجاءه الوحي، وكان إذا جاء لم يرفع أَحدٌ منا طَرْفَه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى يقضي. فلما قضى رفع رأسه وقال: "يا معاشرَ الأَنصارِ، أَقُلتُم كَذا وكَذا"؟ فقالوا: نعم، فقال: "كَلاَّ، ما اسمي إذًا، إنِّي عبد الله ورسولُه، هاجرتُ إلى الله وإليكم، فالمَحْيا مَحياكُم، والمَماتُ مماتُكُم"، فأقبلوا يبكون ويقولون: والله ما قُلنا إلَّا ضِنًّا بالله ورسوله، فقال: "إنَّ اللهَ ورَسُولَهُ يُصدِّقانِكُم". انفرد بإخراجه مسلم (?).
وعن عبد الله بن مسعود قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح وحولَ الكعبة ثلاث مئةٍ وستون صنمًا، فجعل يطعنُها بعودٍ في يده ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81] {وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} [سبأ: 49]. أَخرجاه في "الصحيحين" (?).
وقال هشام: ما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكَّة إلَّا محرمًا، إلَّا في يوم الفتح فإنَّه دخلها وعليه السلاح. ولما استقر في المسجد طافَ وسعى وجلس في ناحية المسجد.
وعن أَبي هريرة قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ الفتح مكّةَ وعليه عمامةٌ سوداء ورايتُه سوداء ولواؤه أسود (?).