وفي رواية الواقدي: أَنَّ سعدًا نادى أبا سفيان: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذلَّ الله قريشًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اليومَ يومُ الرَّحمة، اليوم أَعزَّ اللهُ قُريشًا" (?).

و"كَدَاءُ": بالمد وفتح الكاف: موضع بأعلى مكّة. و"كُدَى" بضم الكاف والقَصر: موضع بأرضٍ أسفَلَ مكّة. قال ابن إسحاق: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير - رضي الله عنه -: أقم هنا عند الحَجون بالراية ولا تبرحْ مكانك حتَّى آتيك، وكان في طريق خالد بنو بكر بن عبد مناف والأحابيش، كانت قريش قد استنفرتهم فمنعوا خالدًا من الدُّخُول فقاتَلهم فانهزموا، وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قد أوصى خالدًا والزبير رضوان الله عليهما وقال لهما: "لا تقاتلا إلَّا من قاتلكما".

وقال الواقدي: أمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الزبيرَ أن يدخل من كَداء وسعد بن عبادة من كُدى، ولما عزم سعدٌ على الدخول سمعه رجل من المهاجرين يقول: اليوم يوم الملحمة وتُسْتَحلُّ الحرمة، فقال: يا رسول الله لا نأمن أن يكون لسعد في قريشٍ اليومَ صَوْلَةٌ؛ إنه يقولُ كذا وكذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه -: "أَدْرِكْه فخذِ الرَّاية منه وادخُلْ بها ولا تُقاتِلْ أَحَدًا إلَّا أَن يُقاتلَكَ"، ولما قال سعد ما قال شق ذلك على قريش، فعارضت امرأة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالت (?): [من الخفيف]

يا نَبيَّ الهدى إليك لجا حيْـ ... ـيُ قُريشٍ ولاتَ حينَ لَجاءِ

حين ضاقَتْ عليهمُ سعةُ الأَر ... ضِ وعادَاهم إله السَّماءِ

إِنَّ سعدًا يُريدُ قاصمة الظهـ ... ـرِ بأَهل الحجونِ والبطحاءِ

خَزْرجيٌّ لو يستطيعُ من الغيـ ... ـظِ رمانا بأَنْجُمِ العوَّاءِ

فانهينه فإنه الأَسد الأسوَ ... دُ والليثُ والغٌ في الدماءِ

فلئن أَقحم اللواءَ ونادى ... يا حماةَ اللواءِ يوم اللقاءِ

لتكونَنَّ بالبقاعِ قُريشٌ ... نهبةَ القاعِ في أكفِّ الإِماءِ

إنه مصلتٌ يديرُ لها الرأ ... يَ صَموتٌ كالحيَّةِ الرَّقطاءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015