ثم دخل على عثمان رضوان الله عليه فقال: ليس في القوم أحد أقربُ بي وأمسُّ رحمًا منك، فقال: جواري في جِوار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?).
فدخل على فاطمة - رضي الله عنها - وعندها علي رضوان الله عليه والحسن والحسين رضوان الله عليهما يَدِبّانِ بين يديهما فقال لها: يا بنت محمد، أَجيري بين الناس، فقالت: أنا امرأة، فقال: قد أجارت أختك أبا العاص بن الربيع وأجاز ذلك محمدٌ، فقالت: هذا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: مُري أحدَ ابنيك هذين أن يجير بين النَّاس، فقالت: هما صَبِيَّان وليس مثلُهما يُجير، فقال لعلي رضوان الله عليه: يا أبا الحسن، أجر بين النَّاس أو كَلَّم محمدًا، فقال: ويحك يا أبا سفيان ليس أحد منا يستطيع أن يكلِّمَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يكره، فقال: أشِرْ عليَّ. قال: ما أجد لك شيئًا مثل أن تقوم فتجير بين النَّاس، فإنَّك سَيَّدُ بني كنانة، قال: فهل ينفعني؟ قال: لا أظن ذلك ولكن لا أجد لك غيره (?).
فقام وصاح: ألا إنِّي قد أجرتُ بين النَّاس، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَنتَ تَقولُ هذا يا صخرُ" ثم ركب راحلته وسار نحو مكّة وكانت غَيْبتُه قد طالت واتهمته قريش وقالوا: قد صبأ واتبع محمدًا وكتم إسلامه، فدخل على امرأته هِنْد ليلًا، فقالت: قد طالت غيبتك حتَّى اتَّهَمَكَ قومُك، فإن كنت مع طول غيبتك جئتهم بنُجحٍ فأنت الرجل، ثم دنا منها وجلس مَجلِسَ الرجلِ من امرأته فجعلت تقول: ما الخبر؟ قال: لم أجد إلَّا ما قالَ عليٌّ، فضربت برجلِها في صدره وقالت: قم قُبَّحْتَ من رسولِ قومٍ، فلما أصبح حلق رأسه عند إِساف ونائلة وذبح لهما ومسح بالدم رؤسهما إبراءً لما اتهمته به قريش، ثم سأله أعيان قريش عما جرى فأخبرهم، قالوا: فأجاز محمد قولك؟ قال: لا، قالوا: والله ما زاد عليّ على أن لَعِبَ بك (?).
وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة رضوان الله عليها: "جَهِّزينا ولا يَشعُر أَحدٌ"، فكتمت ذلك (?).