وقيل: إن أبا سفيان قال ذلك ابتداء، فخرج أبو سفيان ومولى له على راحلتين وهو يرى أنَّه أول من يخرج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسرع السير (?).
وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة رضوان الله عليها صبيحة كانت الوَقْعة بالوَتير: "يا عائِشَةُ، قد حَدَثَ في خُزاعةَ أَمرٌ"، فقالت: أفَترى قُريشًا تجترئ على نقض العهد بينك وبينهم وقد أفناهم السيف؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَنقُضونَ العَهدَ لأَمرٍ يُريدُهُ الله تعالى بِهِم". قالت عائشة: لخير أو لشر؟ قال: "لخيرٍ" (?).
فخرج عمرو بن سالم الخزاعي في أربعين راكبًا من خزاعة يستنصرون رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ويخبرونه بالذي أصابهم من قريش، فقوموا المدينة ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد ورأسُ خزاعة عمرو بن سالم، فاستأذن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في الإنشاد فأذن له فقال: [من الرجز]
لا هُمَّ إنِّي ناشدٌ محمدًا
حِلْفَ أَبينا وأَبيكَ الأَتْلدا
قد كُنْتُمُ وُلْدًا وكُنّا والدا
ثُمَّتَ أسلمنا ولم نَنْزعْ يدا
إن قريشًا أَخْلفوكَ المَوعِدا
ونَقَضُوا مِيثاقَكَ المؤكَّدا
فانصر هَداكَ الله نَصرًا أَيِّدا
وادعُ عبادَ الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تَجرَّدا
في فيلقٍ كالبحر يجري مُزْبِدا
هم بيَّتونا بالوَتير هُجَّدا