إنا إذا صيح بنا أَتَيْنا
وبالصياح عَوَّلوا علينا
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن هذا؟ " قالوا: عامر، قال: "يَرحَمُه اللهُ"، فقال رجل من القوم: وَجَبَتْ يا نبيَّ الله، لولا مَتَّعْتَنا به.
وقيل: إن القائل عمر بن الخطاب رضوان الله عليه.
وخرج مَلِكُهم مَرْحَب يخطر بسيفه ويقول:
قد علمت خيبرُ أني مَرْحَبُ ...... الأبيات المتقدمة.
وقال:
قد علمت خيبر أني عامر ... شاك السلاح بطل مُغاوِرُ
ثم التقيا، فاخْتَلفا ضَرْبتين، فوقع سيفُ مَرْحَب في تُرس عامرٍ، وذهب عامر يَسْفُلُ له فرجع سيفه على نفسه فقطع أكحله، فكانت فيها نَفْسُهُ. قال سلمة: فخرجت فإذا بِنَفَرٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: بطلَ عملُ عامرٍ، قَتَلَ نَفْسَه، قال: فأتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي فقلت: يا رسول الله بطَلَ عملُ عامر، قال: "مَن قالَ ذلكَ"؟ قال: قلتُ: نَفَرٌ من أصحابك، قال: "كَذَب مَن قالَ ذلكَ، بل له أَجْرُه مَرَّتَين" (?).
وفي رواية عن سلمة قال: أتينا خيبر فحاصرناهم وأصابتنا مَخْمَصَةٌ شديدة، ثم إن الله فتحها، فلما أمسى الناس اليومَ الذي فتحت فيه خيبر، وأوقدوا نيرانًا كثيرة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما هذه النِّيرانُ؟ على أيِّ شيءٍ يُوقِدُونَ"؟ قالوا: على لحوم الحُمُرِ الإِنسِيَّة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَهريقُوها واكسِرُوا القُدُورَ" فقال رجل: يا رسول الله أو نَغْسِلُها؟ فقال: "أَو ذلك" فلمَّا تصافَّ القوم كان سيف عامرٍ فيه قِصَرٌ، فتناولَ به يهوديًا ليضربه فرجع ذُبابُ سيفه فأصاب ركبته فمات منها، فلما قَفَلوا قال سلمةُ: رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاحبًا شاكيًا، قال سلمة: فأخذ بيدي أَو هوَ آخِذٌ بيدي، فقلت: فدًى لك أبي وأمي، زعموا أنَّ عامرًا حَبِطَ عمله، فقال: "من قاله"؟ قلت: فلانٌ وفلانٌ وأُسَيْدُ بنُ الحُضَيْر، فقال: "كَذَبَ مَن قاله، إنَّ له لأَجْرَينِ" وجمع بين أصابعه أَو أُصْبَعَيْه