وقال جابر: رُمِيَ سعدُ بنُ معاذٍ يومَ الأحزاب فَقُطِعَ أكحلُه، فحسمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنار، فحسمه أخرى فانتفخت يده فنزفه، فلما رأى ذلك قال: اللهمَّ لا تُخرجْ نفسي حتى تُقِرَّ عيني من بني قريظة. فاستمسك عِرْقُه فما قطر منه قطرة، فلما نزلوا على حكمه - وكانوا أربع مئة - فَقُتِلوا، انفتق عِرْقُه فمات (?).

وقالت عائشة رضوان الله عليها: انفجر جرح سعد وقد كان برأ، فحضره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر، والذي نفسي بيده إني لأَعْرِفُ بكاء أبي من بكاء عمر. قيل لها: فكيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع؟ قالت: كانت عيناه لا تدمعان على أحد ولكنه إذا وَجِدَ فإنما هو آخذ بلحيته (?).

وقال ابن إسحاق: إنما توفي سعد قبل قتل بني قريظة وقسمة أموالهم، ويقال: مرت به عَنْز وهو مضطجع في المسجد فأصابت جُرحه، فما رَقَأ حتى مات. (?)

وقال الواقدي: كانت وفاتُه في ذي القعدة وهو ابن سبع وثلاثين سنةً، وصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحمل جِنازته بين العَمودَيْنِ مقدار ثلاثين ذراعًا، وحفروا قبره فوجدوا منه رائحة المسك، ودفن بالبقيع (?).

وعزّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمه فيه وقال لها: "ابنك أول من ضحك الله إليه" (?).

وقال ابن سعد، يرفعه إلى رجل من الأنصار قال: لما قَضى سعدٌ في بني قريظة ثم رجع، انفجر جرحه، فبلغ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأتاه فأخذ رأسه فوضعه في حِجره، وسُجِّيَ بثوب أبيض إذا مُدَّ على وجهه خرجت رجلاه، وكان رجلًا أبيضَ جسيمًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهمَّ إنَّ سَعْدًا قد جَاهَدَ في سَبيلِكَ، وصَدَّقَ رَسولَكَ، وقَضَى الذي عَليه، فَتقبَّلْ رُوحَهُ بِخَيرِ ما تَقَبَّلْتَ بهِ رُوحًا". وسمع سعد كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففتح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015