فقال حسان: يا بنت عبد المطلب، قد عَرَفْتِ ما أنا بصاحبِ هذا، وكان حسانُ من أجبن الناس. قالت: فلما يَئِستُ منه اعتَجَرْتُ وأخذتُ عمودًا ونزلتُ ففتحتُ باب الحصن، وأَتَيْتُه من خلفِه فضربته بالعمود حتى قتلتُه، وصعدتُ الحصن فقلت: يا حسان، أنزل إليه فاسلبه، فإنه لم يمنعْني من سَلْبه إلا أنه رجل. فقال: يا بنت عبد المطلب، ما لي بِسَلَبِهِ حاجةٌ (?).

حديث رحيلهم:

خذلهم اللهُ وأَيْبَسَ ضُرُوعَ مواشيهم، وأرسل عليهم رياحًا شديدة باردة فأظلمتِ الدُّنيا، وجعلت تكفأُ قدورهم وترمي آنيتهم. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] الآيات. وتقلَّعتِ الأوتادُ، وطَفِئت النيرانُ، وجالت الخيل بعضُها في بعض، وأرسل الله عليهم الرعبَ، وكثر تكبير الملائكة في جوانب عسكرهم حتى كان سيدُ كلَّ حي يقول: يا بني فلان، هَلمُّوا إلي. فإذا اجتمعوا إليه، قال: النجاءَ النجاءَ أُتيتم، فانْهَزموا من غير قتال.

وقال محمَّد بن كعب القُرَظي: قال فتى من أهل الكوفة لحذيفةَ بن اليمانِ: يا أبا عبد الله، رأيتُم رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبتموه؟ قال: نعم يا ابن أخي، قال: وكيف كنتم تصنعون؟ قال: والله لقد كنا نَجْهَدُ، قال الفتى: والله لو أدركناه ما تركناهُ يمشي على الأرض، ولحملناه على أعناقنا ولفعلنا، فقال حذيفة: يا ابن أخي، والله لقد رأيتُني ليلة الأحزابِ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق في ليلة باردة لم أجد قبلها ولا بعدها بردًا أشدَّ منه، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هُوِيًّا من الليل، ثم التفت إلينا وقال: "مَن يَقومُ فَيذهَبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015