لِزاز، ودفع رايةَ المهاجرين إلى أبي بكر - رضي الله عنه -، ورايةَ الأنصار إلى سعد بن عُبادة، وثبت الحارث في قومه واصطفُّوا للقتال، وترامَوْا بالنبل ساعة، ثم حمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فانهزم الحارث، وقُتِلَ من أصحابه عَشرةٌ، وسبى المسلمون مئتي أهل بيت من الرجال والنساء والذُّرَّيَّة، وأخذوا من الإبل ألفي بعير، ومن الشاة خمسة آلاف.
قال ابن عمر: أغار عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم غارُّون، فقتل وسبى وقدم بالسبي إلى المدينة، وكان في السَّبي جُوَيْرية بنت الحارث سيد القوم (?)، فوقعت في سهم ثابت بن قيس بن شَمَّاس وابن عمه فكاتباها على تِسْعِ أواقٍ.
قالت عائشة: وكانت امرأةً حُلْوةً لا يكاد أحد أن يراها إلا أخذت بنفسه، فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندي إذ دخلت عليه جُويرية تسأله عن كتابتها، فوالله ما هو إلا أن رأيتُها فكرهتُ دخولَها عليه، وعرفت أنه سيرى منها الذي رأيتُ، فقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث سيدِ القوم، وقد أصابني من الأمر ما قد علمتَ، فوقعتُ في سهم ثابت بن قيس بن شماس وابن عمه فكاتباني فأعنيّ في كتابتي، فقال: "أَوَ خَيْرٌ من ذلك"؟ قالت: وما هو؟ قال: "أُؤدِّي عنكِ كِتَابتَكِ وأَتَزوَّجُكِ". قالت: نعم. قال: "قَد فَعَلتُ".
وخرج الخَبرُ إلى الناس، فقالوا: أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسْتَرَقُّون. فأعتق الناس ما كان بأيديهم من نساء بني المصطلق، فبلغ عتقهم مئة بيت بتزويجه إياها، قالت عائشة: فلا أعلم امرأة أعظم بركة منها على قومها (?)، وجعل عِتقَها صَداقَها.
وكان اسمها بَرَّة فغيره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجويرية (?).
وفي هذه الغزاة قال عبد الله بن أبي: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنَّ الأعزُّ منها الأذَلَّ. وسبب ذلك:
ازدحم الناس على الماء، ومع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جَهْجاه الغِفاري يقود فرس