ذكر بناء مسجده ومساكنه - صلى الله عليه وسلم -

قالت عائشة - رضي الله عنها - في تمام الحديث المتقدم تُعَظِّمُهُ (?): فلبث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بني عمرو بن عوف بضعَ عشرة ليلةً، وأسس المسجدَ الذي أسِّسَ على التقوى، وصلَّى فيه، ثم ركب راحلته، وسار يمشي الناسُ معه، حتى بَرَكَتْ عندَ المسجدِ اليوم، وهو يُصلي فيه يومئذ رجال مِن المسلمين، وكان مربدًا للتمر لسهل وسُهيل غلامين يتيمين في حجر أسعد بنِ زرارة، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا إن شاءَ اللهُ المنزل". ثم دعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الغُلامين، فساومهما بالمربد ليتخذَه منزلًا ومسجدًا، فقالا: بل نَهَبُهُ لك يا رسول الله. ثم بناه مسجدًا، وطَفِقَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينقل معهم اللَّبِنَ في بنيانه ويقول:

اللهم إن الأجر أجر الآخرة

فارحم الأنصار والمهاجرة

قال البلاذري: وهذا لامرأةٍ من الأنصار، وتمامه (?):

وعافِهم من حرِّ نارٍ ساعرة

فإنها لكافرٍ وكافرة

وقال هشام بن محمد: كان المسجد جدارًا مجدَّرًا من غير سقف، وله قبلة إلى بيت المقدس، وكان فيه غَرْقَد ونخيل، فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقُطِع، وكان فيه قبورُ الجاهلية، فأمر بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فنُبشت، ثم أسس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد، فجعلَ طولَه مما يلي القِبلةَ إلى مؤخره مئة ذراع، وفي الجانبين مثل ذلك، فهو مربع، وجعل عرض أساسه ثلاثة أَذْرُع من حجارة، وبنوا عليها باللَّبِنِ، وجعل له ثلاثة أبواب: بابًا يقال له: باب الرحمة، وهو الذي يُدْعى باب عاتكة، وبابًا يدخل منه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي يلي دار عثمان - رضي الله عنه -، وبابًا في مؤخره، وجعل ارتفاع الجدار قامةً وبسطةً، وسقفه بجذوع النخل والجريد، وبعضه من النخل الذي كان فيه، فقيل له: ألا تسقفه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015