فتكلم البراء بن معرور وقال: يا رسول الله، خذ لربك ولنفسك ما أحببت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُبايِعُكُم على أن تَمنعُوني ممَّا تَمنَعُون منه أَبناءَكُم ونُفوسكُم ونساءَكُم". فقال البراء -وقد أخذ بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أُزُرَنا، فبايعْ يا رسول الله، فنحن أهل الحرب والحَلْقَة ورثناها كابرًا عن كابر، فاعترضه أبو الهيثم بن التيهان حليفُ بني عبد الأشهل، وقال: إن بيننا وبين الناس حِبالًا، ونحن قاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتَدَعَنا، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "لا والله، بلِ الدَّمَ الدَّمَ، والهدمَ الهدمَ، أُحاربُ من حارَبتُم، وأُسَالِمُ مَن سَالمتُم". فاعترضهم العباس بن عُبادة بن نَضْلَة الأنصاري وقال: يا معشر الخزرج، أتدرون على ما تبايعون هذا الرجل؟ إنكم إنما تبايعونه على حرب الأحمر والأبيض والأسود من الناس، فإن كنتم إن أنهكتكم مصيبة، ترجعون عنه وتسلمونه، فمن الآن وهو والله [إن فعلتم] خزي الدنيا والآخرة، وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه من قتل الأشراف، وهلاك الأموال، فخذوه فهو والله خير الدنيا والآخرة. فقالوا بأجمعهم: بل نأخذه على ما ذكرت، ثم قال: يا رسول الله، فما لنا إن وفينا؟ فقال: "لكُمُ الجَنَّة". فقال: ابسط يدك، فبايعوه (?).

قال ابن عباس: وأنزل الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111] الآية، فقالوا: ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل (?).

وأول من بايعه: أسعد بن زرارة، وقيل: البراء بن مَعرور، وقيل: أبو الهيثم بن التيهان، ثم أكثر اللَّغَطُ، فقال العباس: على رسْلكم، فإن علينا عيونًا، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نَقِّبوا اثني عشر نقيبًا يكونوا كُفلاء على قومهم، كما كفلت الحواريون لعيسى بن مريم -وفي رواية: أن موسى اتخذ من قومه اثني عشر نقيبًا فلا يجدنَّ أحدُكم في نفسه أن يُؤخَذَ غيره- فكان نقيب بني النجار: أسعد بن زرارة، ونقيب بني سَلِمة: البراء بن معرور وعبد الله بن عمرو بن حَرَام أبا جابر، ونقيب بني ساعدة: سَعْد بن عبادة والمنذرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015