نعم. قال: اِئت الأخنس بن شَريق، فقل له: يقول لك محمد بن عبد الله: هل أنت مُجيري حتى أُبَلِّغَ رسالاتِ ربي؟ فأتى الأَخْنس فأخبره، فقال له: قل له: إن الحليف لا يجير على الصريح. فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره. فقال له: اِئْت سهيل بن عمرو، فقل له كذلك، فأتاه فقال سُهيل: إن بني عامر بن لؤي لا تجير على بني كعب، فقال: فائت المُطعم بن عدي، فأتاه، فقال: قل له قد أجرته، فليدخل. وأصبح المُطعم قد لبس سلاحه هو وبنوه وبنو أخيه وقومه، ودخلوا المسجد، فقال له أبو جهل: أمجير أم متابع؟ فقال: بل مجير. فقال: أجرنا من أجرت. ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد، ومعه زيد بن حارثة - رضي الله عنه -، فطاف بالبيت، وصلى ركعتين، واستلم الركن، ونادى المطعم: يا معاشر قريش، قد أجرتُ محمدًا. ثم طاف حوله هو وقومه وأهله حتى دخل النبي - صلى الله عليه وسلم -[وكان النبي - صلى الله عليه وسلم -] يرى ذلك للمطعم بن عدي وقومه، وأقام في جوار المطعم يبلغ رسالات ربه (?).
* * *
وفيها: تزوج رسول الله - رضي الله عنه - بعائشة وسودة - رضي الله عنهما - بعد وفاة خديجة - رضي الله عنهما -.
قال أبو سلمة: لما هَلكت خديجة، جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مَظْعون - رضي الله عنه - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، ألا تتزوج؟ فقال: "مَن"؟ قالت: إن شئت بكرًا، وإن شئت ثيبًا. قال: "فَمَنِ البِكْرُ"؟ قالت: بنت أبي بكر، أحب خلق الله إليك، وأما الثيب فَسَوْدة بنت زَمعَة آمنت بك، واتَّبعتك على ما تقول. قال: "فَاذهبي فَاذْكُريهما عَليَّ". قالت: فدخلت بيت أبي بكر، فقلت: يا أم رُومان، ماذا أدخل الله عليكم من البركة والخير؟ قالت: وما ذاك؟ قلت: أرسلني إليكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخطب عليه عائشة. فقالت: انتظري أبا بكر حتى يأتي. فجاء أبو بكر فأخبرته، فقال: وهل تصلح له، إنما هي ابنة أخيه؟ قالت: فأخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "هو أخي في الإسلامِ، وابنته تحلُّ لي". قالت: فأخبرت أبا بكر، فقال: انتظريني، وخرج -وكان المطعم بن عدي قد ذكرها على ابنه، وما وعد أبو بكر أحدًا فأخلفه- فدخل على