خالف دينك ودين آبائك، وفرَّق جماعتنا، وإنما هو رجل برجل، فقال أبو طالب: ويحكم، لبئس والله ما سمتموني، أتعطوني ولدكم أَغْذوه لكم، وأعطيكم ولدي تقتلونه، والله ما أنصفتموني، فرقوا بين النوق وفصلانها، فإن حنت ناقة إلى غير فصيلها، دفعته إليكم (?)، ثم قال (?):

واللهِ لن يصلوا إليكَ بجَمْعِهمِ ... حتَّى أُوَسَّدَ في التُّرابِ دَفِينا

فاصدعْ بأمرِكَ ما عليكَ غضاضةٌ ... وَابْشِر وقَرَّ بذاكَ منك عُيونا

وعَرضتَ دينًا لا مَحَالة أنَّه ... من خير أديانِ البريَّة دينا

لولا الملامةُ أو حِذارُ مذمَّةٍ ... لَوَجَدْتني سَمْحًا بذاك ظنينا

فصل وفيها توفي

أَكْثَم بن صَيْفي (?)

من تميم، حكيمُ العرب، كان من بطن يقال لهم: بنو شُرَيف بن جُرْوَةَ، أدرك مبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأوصى قومه باتِّباعِه، وعاش مئتي سنة، وقيل: مئة وتسعين سنة، واسودَّ شعره، ونبتت أضراسه، وعاد شابًّا، ولا يُعرف في العرب أعجوبة مثله، وكان حكيمًا فصيحًا لبيبًا فاضلًا سيدًا في بني تميم، وهو القائل: [من الطويل]

وإن امرَأً قد عاشَ تِسعين حجَّةً ... إلى مِئة لم يسأمِ العيشَ جاهِلُ

ولما بلغه خَبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عزم على قصده، فمنعه بنو تميم، وقالوا: أنت سيدنا وكبيرنا، فابعث إليه. فكتب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع ابنه حُبَيش بن أكثم: باسمك اللهمَّ، من العبد أكْثَم إلى العبد. أما بعد: فأخبرنا من أنت، وبم جئت؟ وقد بلغنا عنك خبر، فإن كنت أريت، فأرنا، وإن كنت عُلِّمْتَ، فعلِّمنا، وأشركنا معك في خير والسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015