فيها هدمت قريش الكعبة. قال علماء السير: كان أمر البيت بعد إسماعيل - صلى الله عليه وسلم - إلى ولده نَبْت، ولم يكثر ولد إسماعيل عليه السلام فغلبت جُرْهُم على البيت، فأول من وليه منهم: مُضاض الجرهمي الَّذي يقول ولد ولده عمرو بن الحارث بن مُضاض: [من الطويل]
كأن لم يكن بين الحَجون إلى الصفا
البيت المشهور، فلم يزل البيت في أيديهم حتَّى استحلُّوا حرمته، وأكلوا ما يُهْدى إليه، وظلموا من دخل مكة، ولم يقنعوا بهذا حتَّى إن الرجل منهم كان إذا أراد أن يزني ولم يجد مكانًا، دخل البيت فزنى فيه، وكان رجل من جُرهم يقال له: إسافٌ، ونائلةُ زنيا في الكعبة، فَمُسِخا حجرين، وسلط الله الرُّعاف والنمل على جُرهم فأفناهم.
ثم وليت خُزاعة البيت بعد جُرهم، إلا أنَّه كان إلى قبائل مضر ثلاث خلال: الإجازة بالناس من عرفة يوم الحج إلى مزدلفة تجيزهم صوفة (?). والثانية: الإفاضة من جَمْع غَداة يوم النحر إلى منى، وكان ذلك إلى [بني] (?) زيد بن عَدْوان وكان آخر مَن وَلي ذلك منهم: أبو سَيَّارة، واسمه: عُمَيلة (?) بن الأعزل. والثالثة: نَسيءُ الأشهر الحرم، وكان ذلك إلى القَلَمَّسِ واسمه: حُذَيفة بن فُقيم من ولد كنانة، ثم صار ذلك إلى أبي ثمامة جُنادة بن عوف في آخر الأمر.
وجاء الإسلام، وكانت الكعبة رَضَمةً فوق القامة، وكان كنز الكعبة في بئر في جوفها، وكان في حيطانها صور الأنبياء - عليهم السلام - بأنواع الأصباغ، وصورة إبراهيم - عليه السلام - وفي يده الأزلام يستقسم بها (?)، وإسماعيل - عليه السلام - إلى جانبه فرس يجيز الناس، وصورة أولاده إلى عدنان وسيرة كل واحد، وكانت ستين صورة، فَسَرق كَنْزَ الكعبة دُوَيكٌ مولى