وفيها كانت الفجارات، وكانت الدائرة فيها لقريش على قيس، وإنما سميت هذه الحروب فِجارًا، لأنها كانت في الأشهر الحرم. قال أبو عبيدة: لأنهم فجروا فيها فاستباحوا الأموال والنفوس. قال خداش بن زهير: [من الطويل]
فلا تُوعِدُوني بالفِجَار فإنَّه ... أَحَلَّ ببَطْحاء الحجازِ المحارِما
وقال هشام بن محمد: كان الفجار الأول: بين كنانة وهوازن، والثاني: بين قريش وكنانة، والثالث: بين نصر بن معاوية وبين كنانة، والرابع: بين قريش وهوازن.
الفجار الأول: وسببه أن بدر بن معشر الكناني كان منيعًا، ورد سوق عُكاظ، وكان له مجلس يجلس فيه ويفتخر، ويشمخ على الناس ويقول: [من الرجز]
نحن بنو مُدرِكةَ بن خِنْدِفِ
مَنْ يطْعَنوا في عَيْنِه لم يطرفِ
ومن يكونوا قومَه يُغَطْرفِ
كأنَّهم لُجَّةُ بَحْرٍ مُسْدِفِ (?)
وكان يمد رجله وكان [يقول: أنا] (?) أعزُّ العَربِ، فمن ادَّعى أنَّه أعز مني فليضربها، فوثب عليه رجل من هوازن -وقيل: من بني نصر بن معاوية- يقال له: الأُحيمر بن مازن، فضربه بالسيف على ركبته، فجرحه جرحًا يسيرًا -وقيل: إنه أَنْدَرَها، والأول أصح- ثم قال:
خذها إليك أيها المُخَنْدِف
نحن بنو دهمان ذو التَّغَطْرُف
نحنُ ضربْنَا ركبَةَ المعجْرِفِ
إذ مدَّها في أَشْهُرِ المعرَّفِ (?)