ويَجعلُ عليه فِدَرَ اللَّحم، ويذرُّ عليه السَّويق، وَيخلِطُه بالسَّمْن إلى أن يَصدُرَ الناس إلى بلادهم.
وكانا وُلدا تَوْأمين، وإصبعُ أحدهما مُلتصقةٌ بجبهة الآخر، فانفصل منها دمٌ، فقال الناس: يكون بينهما دَم (?). ووُلدَ بعدهما المطلب وهو أصغرهم، واسم أمِّ الثلاثة: عاتكةُ بنت مُرَّة السُّلَمية، وآخرهم نَوفل وأمُّه واقدة، وكان لعبد مَناف أولاد أخَرُ، إلا أن المشار إليه منهم هؤلاءِ الأربعة، فإنهم سادوا بعد أبيهم، فلما توفي عبد مَناف ولي بعده هاشم، فأخذ السِّقايةَ والرِّفادَة، وساد قومَه، فحَسَده أميةُ بنُ عبد شمس وكان ابنَ أخيه، فتكلَّفَ أن يَصنعَ صنيعَ هاشم فعَجَزَ، فعَيَّرتهُ قريش وقالوا: تتشبَّهُ بهاشم؟ فغَضِب وقال: ومَن هاشمٌ؟ ثم دعا هاشمًا إلى المُنافَرَة، فأبى لسِنِّه وعِظَم قَدْرِه، فلم تَدَعْه قريش، فقال هاشم: أُنافِرُك على خمسين ناقةً سُودِ الحَدَقِ تُنْحَر بمكة، والجَلاءِ عن مكة عشرَ سنين. فرضي أميَّةُ بذلك، وجعلا بينهما الكاهِنَ الخُزاعي وهو جدُّ عمرو بن الحَمِق كان يَنزِلُ بعُسْفان، فخرج هاشم في نفر من قريش، وخرج أمية ومعه أبو هَمْهَمة بن عبد العزَّى وكانت ابنته تحت أمية، فنزلوا على الكاهن، فعلم ما جاؤوا فيه ولم يُعَرِّفوه، فقال: والقَمَرِ الباهر، والكوكبِ الزَّاهِر، والغَمامِ الماطِر، وما بالجوِّ من طائر، وما اهتدى بعَلَمٍ مُسافرٌ من مُنجِدٍ وغائر، لقد سَبَقَ هاشم أميةَ إلى المفاخِر، وأبو هَمْهَمَةَ بذلك خابر. فنفّر هاشمًا على أمية، وعاد هاشم إلى مكة، وأخذ الإبلَ فنَحَرها، وأَطعم الناس، وخرج أميةُ إلى الشام، فأقام بها عشرَ سنينَ، فكانت هذه أولَ عداوةٍ وقعت بين هاشم وأميةَ، وتوارَثَ ذلك بَنُوهُما (?).
وكان في أيام هاشم، وذلك أن هاشمًا وعبدَ شمس والمطَّلبَ ونَوفلًا، بني عبد