قيس بن زهير والذي على يده الرّهان بذلك، فقال قيس لحُذيفة: يا حُذيفة أعطني سَبَقي، وقال الذي على يده الرِّهان: يا حذيفة أعطه سَبَقه، فقد سبق داحس، فأعطاه السَّبَق، فقال قيس بن زهير (?): [من الوافر]
كما لاقيتَ من حَمَلِ بن بدرِ ... وإخوتِه على ذات الإصادِ
همُ فَخَروا علي بغير فَخْرِ ... وَرَدُّوا دون غايتِه جَوادي
ثم إن جماعةً من قوم حُذَيفة نَدَّموه على دَفْعه السَّبَق إلى قيس، ونهاه آخرون عن الشَّرِّ، وقالوا: إن قيساً لم يسبقك إلى مَكْرُمَة، وإنَّما سبقت دابَّةٌ دابةً فأبى، وبعث ابنَه مالك بنَ حُذيفة، وكنيتُه أبو قِرْفة إلى قيس يطلب منه السَّبَق، فقال له: هذا سبقي، فكيف أُعطيكم إياه، فتناول ابنُ حذيفة من عِرْض قيس وشَتمه، وأَغلظ له، وكان إلى جانب قيس رمح، فطعنه فدق صُلْبه، واجتمع الحيّان فأدَّوا دِيَةَ المقتول مئةً من الإبل، دفعًا للشر، فأخذها حذيفةُ، وسكن النّاس، ثم إن قوم حذيفة ندَّموه فعاد القتال بينهم، حتَّى تفانَوْا.
وفي هذه القصة يقول بِشر بن أُبَيّ [بن] حُمام العَبسيّ: [من الطَّويل]
إنّ الرِّباط النُّكْدَ من آل داحِسٍ ... أَبَيْنَ فما يُفْلِحْن يومَ رِهانِ
جَلَبْنَ بإذن الله مَقتَلَ مالك ... وطَرَّحْنَ قيساً من وراء عُمانِ
لُطِمنَ على ذات الإصادِ وجَمعُكُم ... يَرَونَ الأذى من ذِلَّة وَهوانِ
سيُمنَعُ منك السَّبْقُ إن كنتَ سابقًا ... وتُقْتَلُ إن زَلَّت بك القَدمانِ (?)
وحَمَل الحارث بنُ عَوف المُرِّي الدماءَ بين القبيلتين، وصالح بين عَبْس وذُبيان، فقال قيسٌ: والله لا نَظَرْتُ إلى غَطَفانيّة، قَتلتُ أباها أو أخاها، ومضى إلى عُمان فأقام ببُرْقَة عُمان حتَّى مات.
ومنها يوم الذَّنائب، ظفر دُرَيد بن الصِّمة فيه بغَطَفان، فأخذ ثأرَ أخيه عبد الله، وفيه يقول: [من الطَّويل]