وفيها مات أقطاي بمصر قتلة شنيعة، وكان قد طغا وبغى وتكبر وتجبر، بحيث إنه كان إذا ركب من داره بالقاهرة إلى القلعة يقتل جماعة ولا يلتفت إلى الملك، وهو الذي قتل المعظم وباشره، وأكب عليه، وصاهر أصحاب حماة، واختلفوا في جهاز العروس، وحملوها إلى دمشق في محمل عظيم، وعجب الناس من بنت الكامل كيف سمحت لذلك العبد بالمصاهرة مع عدم الكفاية، فإنها كريمة الطرفين من ناحية الأب والأم، ولما لم يغر أحد لها غار الله، فسلّط على أقطايا من قتله أقبح قتلة، ومثل به أعظم مُثْلة، وكان قد طلب من الملك القلعة ليسكن العروس فيها، فاتفق مع شجرة الدر على قتله، واستدعاه، فقتله بالقلعة، وهربت البحرية إلى الشام.
كان إمامًا، فاضلًا في فنون [شتى] (?)، وصحب الفَخْر الرَّازي ابن خطيب الرّي، وأقام عند الملك النَّاصر داود سنين كثيرة بدمشق والكَرَك، وكان متواضعًا، كبيرَ القَدْر، كَيِّسًا، محضر خير، لم يُنقل عنه أنه آذى أحدًا، وإن قدر على نفع وإلا سكت، توفي بدمشق، ودفن بقاسيون على باب تُرْبة المعظم، رحمه الله.
فيها عاد النَّاصر داود من الأنبار إلى دمشق بعد أن حبسه الملك النَّاصر يوسف بقلعة حمص ثلاث سنين، وبعث به إلى بغداد، ثم عاد إلى دمشق، فأقام بها، ثم عاد في سنة ثلاثٍ وخمسين إلى العراق، وحَجَّ، وعاد، فأقام بالحِلة، وكان قد جرى بين الحج العراقي وأصحاب مكة فتنة، فأصلح بينهم.