الدَّرجات، والأعمال بالنيّات] (?)، ولقد كان كثيرَ الصَّدقات، عظيم الصِّلات، اشتراه المعظَّم سنة سبع وست مئة [ونحن على الطور] (1)، وفوَّض إليه أُستاذداريته، وظَهَرَ منه من العقل والسَّداد ما أوجب تقديمه على الأولاد، وأعطاه قلعة صَرْخد، وأقام بها يضاهي الملوك، [ولا فرق عنده بين الغني والصعلوك] (1)، وقيل: إنه مات سنة سبع وأربعين [وست مئة، السنة التي مات فيها أيوب، رحمة الله عليهما] (1).
قد ذكرناه في عِدَة أماكن، وكان شجاعًا شهمًا [جَوَادًا] (1) حُفَظَةً، لطيفًا، ينشد الأشعار، ويحكي الحكايات، وقد ذكرنا حَجَّه على العراق.
قال المصنف رحمه الله: اجتمعتُ به في الرُّها سنة اثنتي عشرة وست مئة، وأنا قاصِدٌ إلى خِلاط، فحضر مجلسي بجامع الرُّها، [وكان يومًا مشهودًا] (1)، وأحسن إليَّ، وخدمني، ومما حكاه لسعد الدِّين مسعود بن تاج الدين شيخ الشيوخ، قال: قَطَعَ الكامل الفرات سنة اثنتين وثلاثين وست مئة بعسكرٍ لم يجتمع لصلاح الدين مثله، [قال] (1): فدخلتُ عليه يومًا، وعنده النَّاصر داود، فقال: تروح تخرب حصن منصور وتنهبه. فقلتُ له: يا خوند، ما يحل لي أن أقاتل المسلمين وأنهبهم، أنفذ غيري. فاغتاظ، وقال: والله إنَّ شُرْبَنا الخمر وفسقنا أجودُ من زُهْدك وذوكرتك، مثل ما رحت خلصت نهب الفرادى من أصحابنا وتمزهدت، ولو وقع لك ظُلْم ظلمتَ، وهذا الآخر -عن الناصر- يوافقك في الخساف. قال: فقمتُ وخرجت، فلحقني الصَّلاح الإِرْبلي، وقال: قال لك السُّلْطان: لا تروح إلى حصن منصور، نحن نبعث غيرك. فقلتُ له: قُلْ له: والله ما أروح، ولو رسمت عليَّ، فلا حاجة إلى قولك.
قال سعد الدين: وأنشدني شهاب الدِّين: [من الطويل]
ومن عجبِ الأَيَّامِ أَنَّك جالِسٌ ... على الأرض في الدُّنيا وأنتَ تسيرُ
فَسَيرُكَ يا هذا كَسَيْرِ سفينةٍ ... بقومٍ جلوسٍ والقِلاعُ تطير