عاقلًا، طاهرَ اللِّسان، غزير الفضل [والإحسان] (?)، أقام فِي الثغور مُدَّة سنين يجاهد العدو، ويحفظ البلاد على المُسْلمين.
ولد سنة ثلاثٍ وسبعين وخمس مئة (?)، وكان أكبر أولاد العادل بعد ممدود، وكان العادل قد عهد إليه لما رأى من ثباته وعقله وسَدَاده [فِي إصداره وإيراده] (1)، وقد ذكرنا سيرته فِي السِّنين، وكان شجاعًا، ذكيًّا [مهابًا] (1)، فطنًا، يحبُّ العلماء والأماثل، ويلقي عليهم المُشْكلات [من المسائل] (1)، وتكلَّم على "صحيح مسلم" بكلامٍ مليح، ولفظ فصيح، وثبت بين يدي العدو لما نَزَلَ الفرنج على دمياط مدة، ما أبقى قلمًا فِي خزائنه وذخائره.
وأما عدله فإليه المنتهى، [وفَضْله هو المشتهى] (1)، وبَلَغَ من عَدْله أَنَّ بعض الركبدارية استغاث إليه يومًا، وقال: استخدمني أُستاذي ستة أشهر بغير جامكية، فأحضر أُستاذه، وأنزله من فرسه، وخلَّعه ثيابه، وألبسها الركبدار، وأركبه الفرس، وألبس الجندي ثياب الركبدار، وقال له: احمل مداسه، واخدمه ستة أشهر كما خدمك.
وكان إذا سافر لا يتجاسر أحدٌ أن يأخذ من فلاحٍ علاقة شعير، ولا دجاجة [وإن دعت إِلَى ذلك الحاجة، ولقد بلغني أنَّه] (1) شنق جماعةً من الأجناد على آمِد؛ لكونهم أخذوا أكيال شعير لشخصٍ.
وكانت الطُّرق فِي أيامه آمنة بحيث يسير الراكب وحده، ولا يحتاج إِلَى حمل عُدَّة.