الدِّين للأشرف: متى أخذ الرُّوم نبقى بين يديه يقلِّبُنا كيف شاء، واتفقا عليه، ولما عاد من الرُّوم إِلَى دمشق فهم الكامل ذلك، فخاف، وعجَّل الرَّواح إِلَى مِصْر، فبعث إليه الأشرف يقول: أخذت مني الشَّرْق، وقد افتقرتُ بهذه البواكير، ودمشق فبستان ما لي فيها شيء. فبعث إليه الكامل عشرة آلاف دينار، فردَّها، وقال: أنا أدفع هذه لأميرين! فغَضِبَ الكاملُ، وقال: أيش يعمل بالمُلْك؟ تكفيه عشرته للمغاني، وتعلمه لصناعتهم. فتنمَّرَ عليه الأشرف، وقال: والله لأُعَرِّفَنَّه قَدْرَه. وأرسل إِلَى حلب وحماة وبلاد الشَّرْق، وقال: قد عَرَفْتُم بُخْلَ الكامل، وطمعه فِي البلاد. فحلفوا واتفقوا، ولما وَصَلَ الكامل إِلَى قلعة القاهرة باسَ العتبة، وقال: رأيتُ روحي فِي قلعتي.
فلما مات الأشرف [فِي سنة خمس وثلاثين وست مئة] (?) قال: والله لو لم يمت لراحت البلاد منَّا. فقيل له: لك من باب المَوْصل إِلَى اليمن، فأيش تلتفت عليه؟ ! فقال: اسكتوا، كان كريمًا، والكرم ما معه حديث.
وكان النَّاصر قد اتفق مع الأشرف، ثم انحرف عنه، ومضى إِلَى الكامل.
وفيها تُوفِّي
ولد بدمشق، ونشأ بها، وقرأ القرآن، وقدم بغداد فتفقَّه على أبي الفَتْح بن المَنِّي، وسمع الحديث من شُهْدة وطبقتها، وعاد إِلَى دمشق، ووعظ، وصنَّف الكتب، [ورأيت بخط ابنه فهرسة تصانيفه: "الإنجاد فِي الجهاد"، و"المقامة الدمشقية"، و"الإجماع والنص والقياس فِي فضائل بني العباس"، و"المزوق فِي التفسير"، و"الفروق فِي اللغة"، و"الحدائق فِي الوعظ والجدل والأقيسة والخطب"، و"شرح أسماء الله تعالى"، و"أسباب الحديث"، و"مختارات من المسند والبخاري ومسلم"، وغير ذلك.