ذِكْرُ ما جرى في مجالسه [من الطرف المبتكرات، والنُّتَفَ المُسْتظرفات، والسؤالات والجوابات، وتلخيصه المعاني في ألخص الكلمات.

قال رحمه الله يومًا في مجلس وعظه: الدنيا نهر طالوت فاعبروها ولا تعمروها.

فقام سائل فقال: كيف أصنع وحبها مجبول في طباعي من يوم {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} [آل عمران: 14]؟ فقال جدي: {إلا مَنِ اغْتَرَفَ} [البقرة: 249] قطرة من القطرات.

وقال: لما دعا الله الخلق إلى بابه بقوله {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25] أعرض عنه أقوام، فقوبلوا بالإعراض {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: 108].

وقال في قوله - عليه السلام -: "هَبْ لي عينين هطالتين" (?) أراد أن يبكي بهما ليرحم الله هذه الأمة، كلما قويت قواصف العواصف، صاح ناتاني المركب: من هو على شيني ينتقل] (2).

وقال: والله ما اجتمع لأحدٍ أمله إلا وسعى في تفريقه أجلُه.

وقال: عقاربُ المنايا تلسع، وجُدْران جسم الأمل تمنع الإحساس.

وقال: الرَّواحل في طيِّ المراحل، والأنام نيام.

[وقال: ركب الأجل يجري، والركاب في الحديث.

وقال: ماء الحياة من إناء العمر يرشح بالأنفاس] (?).

وقال لبعضِ الولاة: اذكر عدل الله فيك، وعند العقوبة قدرة الله عليك، وإياك أن تشفي غيظك بسقم دينك.

[وكان يحضر مجلسَه صاحبٌ له، ثم انقطع مدة وعاد، فقال: ما أنت في أوسع العذر من التأخير لثقتي بك، وفي أضيقه من شوقي إليك.

وقال له قائل: ما نمت البارحة من شوقي إليك، وإلى المجلس. فقال له: نعم، لأنك تريد أن تتفرج، وإنما ينبغي أن لا تنام الليلة لأجل ما سمعت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015