أجيرةَ القَلْبِ والفُسْطاطُ دارُهُمُ ... لم تُصْقِبِ الدّارُ لكن أَصْقَبَ الكَلَفُ
فارقْتُكُمْ مُكْرَهًا والقلبُ يُخْبِرُني ... أَنْ ليس لي عِوَضٌ منكُمْ ولا خَلَفُ
ولو تعوَّضْتُ بالدُّنيا غُبِنْتُ وهل ... يُعَوضُني عن نفيسِ الجوهر الصَّدَفُ
ولستُ أُنكر ما يأتي الزمانُ به ... كلُّ الورى لرزايا دَهْرِهمْ هَدَفُ
وما أَسِفْتُ لأمرٍ فات مَطْلَبُهُ ... لكن لفُرْقة من فارَقْتُهُ الأَسَفُ (?)
فأمر الصّالح شعراء الدَّوْلة أن يوازنوا قصيدته، وقال: وأنا معكم، وكتب الصَّالح إليه -وهي للصَّالح: [من البسيط]
آدابُكَ الغُرُّ بحرٌ ما له طَرَفُ ... في كلِّ سَمْعٍ بدا من حُسْنِهِ طُرَفُ
نقولُ لما أتانا ما بَعَثْتَ به ... هذا كتابٌ أتى أم روضةٌ أُنُفُ
إذا ذكرناك مجدَ الدِّين عاوَدَنا ... شوقٌ تجدَّدَ منه الوَجْدُ والأَسَفُ
يا مَنْ جفانا ولو قد شاءَ كان إلى ... جَنابنا دونَ أهلِ الأرضِ يَنْعَطِفُ
فَمِلْ إلينا بآمالٍ محقَّقَةٍ ... وكُفَّ غَرْبَ دموعٍ دَمْعُها يَكِفُ
كفى اغترابًا فعجِّلْ بالإيابِ لنا ... فمنكَ لا عِوَضٌ نَلْقى ولا خَلَفُ (?)
وقال مهذَّب الدِّين [الحسن بن] (?) علي بن الزُّبير: [من البسيط]
أحبابَنا ما لنا عن بُعْدِكُمْ خَلَفُ ... وإن يكن فطويلُ الحُزْنِ والأَسَفُ
ولو جَرَيتُمْ ولَمْع البَرْق في قَرَنٍ ... لكان مَعْ شكْوكُمْ مَعْ سَيفه يَقِفُ (?)
يا لائمينا على أَنْ لا نراسلهم ... ما الوَجْدُ مما أطاقَتْ حَمْلَه الصُّحُفُ
وزادني ثقةً عِلْمي بعِلْمِكُمُ ... أن المحبَّةَ أضعافُ الذي أَصِفُ
حَبَوْتُمونا بدُرٍّ من قَرِيضِكُمُ ... صدورُنا حيثُ ترويها له صَدَفُ
فاهتزَّ عِطْفُ مليكِ النَّاس كلِّهمُ ... لها وأيُّ كريمٍ ليس يَنْعَطِفُ