القاضي شرف الدين (?) بن أبي عَصْرون حاضرًا للقِسْمة، فقام يومًا، فوقعت من تحت ذيله منطقة جوهر، فنسبه العادل إلى ما لا يليق، وكان شرف الدين منزَّهًا عن ذلك [لأنه كان غنيًّا جوادًا شريف النفس] (?)، فحلف للعادل: إنني ما علمتُ بها، [وصدق، وإنما الحساد وجدوا طريقًا للقول] (?).
وفيها دخل سيفُ الإسلام إلى مكَّة، ومنع من الأذان في الحرم بحيّ على خير العمل، وقَتَلَ جماعةً من العبيد كانوا يؤذون النَّاس، وأغلق أمير مكة بابَ البيت، وصَعِدَ إلى أبي قُبيس، فأرسل إليه وطلب المفتاح، فامتنع من إنفاذه، فقال سيفُ الإسلام لرسوله: قُلْ لصاحبك: إنَّ الله نهانا عن أشياءَ فارتكبناها، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تأخذوا المفتاح من بني شيبة" (?) فنأخذه، ونستغفر الله تعالى، فبعث إليه بالمِفْتاح.
وفيها قَسَمَ السُّلْطان البلاد بين أولاده وأهله برأي القاضي الفاضل، فإنَّه لما مَرِضَ أشار عليه بذلك، وكان الملك الأفضل بالدِّيار المِصْرية، وهو المترشِّحُ لولاية العهد، وكان قد تأدَّبَ وكَتَبَ، فأحسن خَطَّه، وسمع الحديث، وكان في نَفْس السُّلْطان نقل العزيز إلى مِصْر، فكَتَبَ إلى الأفضل يستدعيه إلى دمشق بأهله ووالدته، فحضر، فزوَّجه السُّلْطان سفري خاتون بنت ناصر الدِّين صاحب حِمْص، فقال ابنُ سعادة الضَّرير: [من السريع]
قد أقبل العُرْسُ السَّعيد الذي ... أنوارُه مِنْ وَجْهِكَ المُقْبِلِ
بنتُ سَمِيِّ المُصْطفى زُوِّجَتْ ... سَمِيَّ صِهْرِ المُصْطفى المُرْسَلِ
وجمع صلاحُ الدِّين أهله والأمراء، وأخذ عليهم العهود للأفضل، وكان السُّلْطان يؤثر أن تكون حلب للملك الظاهر ولده، وكان يستحيي من أخيه العادل، فزوَّجَ الظَّاهرَ بابنته، وقال له: قد علمت أَنَّ مدينة حلب جليلة، وقلعتها عظيمة، فاطْلُبْها من السُّلْطان، فعرَّفَ الظَّاهرُ أباه، فاستحسنَ ذلك من العادل، وفوَّضَ أمر حلب إلى