قال المصنِّف رحمه الله: كان الصُّلْح قد تقرَّر، وإنما لم يكن السُّلْطان حَلَفَ حتى جاءه ابنُ شداد والرَّبيب فاستحلفاه، وكان قد شاع أَنَّ المواصلة دَسُّوا عليه من سقاه السُّمَّ، فخافوا، وكان السُّلْطان لما يئس من نفسه أوصى إلى أخيه العادل، وجعل مِصْر للعزيز عثمان، ودمشق للأفضل، وحماة لتقي الدِّين، وقسم البلاد، ولما بَرِئَ وحَلَفَ للمواصلة أرسل إليهم بالهدايا والتُّحف، وجهَّز عِزُّ الدين العساكر في خِدْمة السُّلْطان إلى الجهاد، وَرَدَّ السُّلْطان على مظفر الدين حصن الرُّها وقلعة حرَّان، وسببه أنه لما طلب منه القلعتين بعث مظفر الدِّين نائبه إلى الولاة بالتسليم، فامتنعوا، فقال: قل لهم: بعلامة ما قلت لكم: إنْ أصابني شيءٌ فلا تسلِّموا إلا إلى السُّلْطان ولو بقيت له بنت واحدة. فعلم صلاحُ الدِّين حُسْنَ نيته ومقصده، فردَّهما عليه، وأكرمه.
وجاء تقليدُ الخليفة للسُّلْطان بتفويض بلاد الشَّرْق ودياربكر إليه، وعليه علامةُ الخليفة بيده، وصورتها: الناصر الله. ودخل في هذا التوقيع الموصل وغيرها.
وكان المنجِّمون بدمشق قد حكموا بأنه تهبُّ رمل مع هواء مزعج يُهلك النَّاس، فحفروا سردابًا وجثوا فيه، وظهر كذبُ المنجمين (?).
وحج بالنَّاس من العراق طاشْتِكِين.
وفيها توفي
أبو اليُسْر التَّنوخي المعرِّي: كاتبُ الإنشاء لنور الدين محمود بن زَنْكي.
ولد سنة ستٍّ وتسعين وأربع مئة، ونشأ بحماة عند جدِّه القاضي أبي المجد محمد بن عبد الله، وقرأ عليه الأدب، وسَمِعَ الحديث من جدِّه لأُمه أبي عبد الله الحسين بن العجمي بحلب، وكان فاضلًا.